من النظام الاقتصادي في الإسلام... في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة

النقود المعدنية

يُرجِع الاقتصاديون أنواع النقود المعدنية المختلفة التي يمكن وجودها إلى نوعين رئيسيين هما نظام المعدن الفردي ونظام المعدنين، فالأول هو النظام الذي تكون النقود الرئيسية فيه قاصرة على مصكوكات معدن واحد، وأما الثاني وهو نظام المعدنين فهو الذي تكون المصكوكات الذهبية والفضية على السواء نقوداً رئيسية. ونظام المعدنين هذا يتضمن توفر ثلاث صفات:

  • الأولى: أن تكون للمصكوكات الذهبية والفضية قوة إبراء غير محدودة.
  • والثانية: أن تتوفر حرية الضرب بالنسبة لسبائك المعدنين.
  • والثالثة: أن تكون هناك نسبة قانونية بين قيمتي المصكوكات الذهبية والفضية.

ونظام المعدنين يمتاز بأنه يجعل كمية النقود التي يجري بها التداول عظيمة، إذ تستعمل مصكوكات المعدنين معاً نقوداً رئيسية، وبذلك تحتفظ الأثمان بمستوى مرتفع، وهذا من شأنه أن يشجع على زيادة الإنتاج، وهو كذلك يجعل قيمة النقود أكثر ثباتاً، وبذلك تكون الأثمان أقل عرضة للتغييرات الشديدة التي تؤدي إلى اضطراب الحالة الاقتصادية، وبذلك يظهر أن استعمال معدنين من النقود المعدنية خير من استعمال معدن واحد.

النقود الورقية

النقود الورقية ثلاثة أنواع، هي:

  • 1- نقود ورقية نائبة، وهي أوراق تمثل كمية من الذهب والفضة على شكل نقود أو سبائك مودَعة في مكان معين لها من القيمة المعدنية ما لهذه الأوراق من القيمة الاسمية، وتصرف بها لدى الطلب، وفي هذه الحالة يقوم التداول على النقود المعدنية، وكل ما في الأمر أنه بدلاً من أن تتداول بنفسها تقوم هذه الأوراق مقامها باعتبارها نائبة عنها.
  • 2- نقود ورقية وثيقة، وهي أوراق يتعهد الموقِّع عليها بدفع مبلغ معين من النقود المعدنية لحاملها، وتتوقف قيمتها في التداول على ما يتوفر من الثقة في الموقِّع عليها وعلى قدرته في الوفاء بتعهده، فإذا كان موثوقاً به لدى الجمهور سَهُل استعمالها في التداول كالمصكوكات. والنوع الرئيسي لهذه النقود هي الأوراق المصرفية التي يصدرها مصرف معروف وموثوق به لدى الجمهور. إلاّ أن الأوراق المصرفية هذه –أو بعبارة أخرى النقود الورقية الوثيقة- لا يحتفظ مُصدرها -سواء أكان البنك أم الحكومة- بمقدار من الذهب يساوي قيمتها تماماً كما هي الحال في النقود الورقية النائبة، بل يحتفظ المصدر الذي يصدر النقود الورقية الوثيقة في خزانته في الأوقات العادية باحتياطي معدني ضماناً لهذه الأوراق بنسبة معينة من قيمتها قد تكون ثلاثة الأرباع أو الثلثين أو الثلث أو نسبة مئوية معينة، فلذلك يعتبر المقدار من الأوراق المصرفية الذي يقابله ما يعادل قيمته تماماً من الاحتياطي المعدني نقوداً ورقية نائبة، في حين يعتبر المقدار الباقي الذي لا يقابله احتياطي معدني نقوداً ورقية وثيقة تستمد قوتها في التداول من ثقة الجمهور في الموقِّع عليها، فمثلاً يحتفظ مُصدر الأوراق مصرفاً كان أو حكومة في خزائنه باحتياطي معدني قدره عشرون مليوناً من الدنانير، ويصدر نقوداً ورقية قدرها أربعون مليوناً من الدنانير، فالعشرون مليوناً من الأوراق المصرفية –أي من النقود الورقية- التي لا يقابلها احتياطي معدني هي نقود ورقية وثيقة، والعشرون مليوناً من النقد الورقية التي يقابلها احتياطي معدني مساوٍ لقيمتها هي نقود ورقية نائبة.

وعلى هذا فالدولة التي تضع ذهباً أو فضة يساوي قيمة النقود الورقية التي أصدرتها تماماً تعتبر نقودها نقوداً ورقية نائبة وتعتبر نقوداً كاملة، أمّا الدولة التي تضع معدناً من ذهب أو فضة لا يساوي قيمة النقود الورقية كاملة وإنما يساوي جزءاً من قيمتها فإن هذه النقود تسمى نقودا وثيقة.

  • 3- نقود ورقية غير قابلة للصرف، وتسمى أيضاً نقوداً ورقية إلزامية، ويطلق عليها اسم الأوراق النقدية، وهي أوراق تصدرها الحكومات وتجعلها نقوداً رئيسية، ولكنها لا تصرف بذهب أو فضة ولا يضمنها احتياطي ذهب أو فضة أو أوراق مصرفية (بنكنوت)، ولكن يصدر بشأنها قانون يعفي المصرف الذي أصدرها من التزام صرفها بالذهب أو الفضة.