من النظام الاقتصادي في الإسلام... في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة

 

الإسلام ضمن العيش الكريم لكل فرد بعينه

 

لقد أباح الإسلام الملكية الفردية، ولكنه حدد كيفية التملك. وأَذِن للفرد بأن يتصرف بما يملك، ولكنه حدد كيفية التصرف. ولاحَظ تفاوت القوى العقلية والجسمية لدى أفراد بني الإنسان، فاحتاط لهذا التفاوت في إعانته العاجز وكفايته المحتاج وفرضِه في أموال الأغنياء حقاً للفقراء والمساكين، وقد جعل ما لا تستغني عنه الجماعة ملكاً عاماً لجميع المسلمين لا يجوز لأحد أن يمتلكه أو يحميه لنفسه أو لغيره. كما جعل الدولة مسؤولة عن توفير الثروة أموالاً وخدمات للرعية، وأباح لها أن تتملك ملكية خاصة بها.

وبهذا كله ضَمِن العيش لكل فرد من أفراد الرعية، وضَمِن للجماعة أن تبقى مجتمعة متماسكة، وضَمِن مصالح هؤلاء الأفراد ورعاية شؤون هذه الجماعة، وحَفِظ كيان الدولة في قدرة كافية للاضطلاع بمسؤولياتها الاقتصادية.

 

عوامل سوء توزيع الثروة

 

غير أن ذلك كله يحصل إذا بقي المجتمع على وضع يتحقق فيه توفير الثروة لجميع أفراد الرعية فرداً فرداً، وكان أفراد الرعية في جملتهم قائمين بتنفيذ جميع أحكام الشرع. أمّا إذا قام المجتمع على تفاوت فاحش بين أفراده في توفير الحاجات كما هي الحال الآن في العالم الإسلامي - تحت سيادة المبدأ الرأسمالي-، كان لا بد من إيجاد توازن بين أفراده في عملية توزيع جديدة توجِد التقارب في توفير الحاجات.

وكذلك أيضاً إذا حصل انحراف في أذهان الناس في تطبيق الأحكام الشرعية لفهم سقيم، أو لفساد طارئ، أو حصل تقصير من الدولة في تطبيق النظام، فإنهم حينئذ ينحرفون عن النظام وينحرف المجتمع عن وضعه المرسوم فيؤدي ذلك إلى الأثَرة والأنانية وسوء التصرف في الملكية الفردية فيحصل حينئذ سوء توزيع الثروة بين الناس فيصبح لا بد من حفظ التوازن بين أفراد المجتمع أو إيجاد هذا التوازن.

وفي كلتا الحالتين يحصل سوء التوزيع للثروة بين الناس من أحد أمرين:

  1. إما مِن تداول الثروة بين فئة الأغنياء وحدهم،
  2. وإما من منعها عن الناس ومنع أداة التداول بينهم بحجزها عن المجتمع.

علاج سوء توزيع الثورة

 

وقد عالج الإسلام هاتين الناحيتين:

  1. فوضع أحكاماً شرعية تضمن تداول الثروة بين الناس جميعاً وتعيد توزيعها كلما حصل اختلال في توازن المجتمع.
  2. كما وضع أحكاماً شرعية تمنع كنز الذهب والفضة بوصفهما أداة التبادل وتجبر على وضعهما في المجتمع بين الناس موضع التبادل.

وبذلك يعالَج المجتمع الفاسد، ويعالَج المجتمع المنحرف أو المائل للانحراف، ويُعمل لتوفير الثروة لجميع أفراد الرعية فرداً فرداً حتى يُشبِع كل فرد منهم حاجاته الأساسية إشباعاً تاماً، ويُفتح أمامه السبيل ليعمل على إشباع حاجاته غير الأساسية قدر ما يستطيع.