أصول الفقه الإسلامي

المانع يكون مانع حكم، ويكون مانع سبب.

  • أما مانع الحكم فهو وصف ظاهر منضبط يستلزم وجوده عكس ما يقتضيه الحكم، مثل القتل العمد العدوان، فإنه مانع للابن القاتل من ميراث أبيه، مع أن البنوة تقتضي الميراث.
  • أما مانع السبب فهو وصف ظاهر منضبط يستلزم وجوده عكس ما يقتضيه السبب، مثل الدّين، فإن وجوده مانع من وجوب الزكاة، على من كان عنده النصاب وحال عليه الحول؛ لأن الدّين مانع من بقاء النصاب، الذي هو السبب، مكتملاً. فالنصاب (السبب) يقتضي وجوب الزكاة بحلول الحول، والدين (المانع) يقتضي عكس ما يقتضيه السبب أي عدم وجوب الزكاة مع وجود النصاب وحلول الحول. والدَّيْن الذي هو مانع للسبب هو الدين الكثير الذي إذا وُجِد نَقَص النصاب.

والموانع قسمان:

  • أحدهما ما يمنع من الطلب ويمنع من الأداء: فنحو زوال العقل بنوم أو جنون، فإنه يمنع طلب الصلاة، والصوم، والبيع، وغيرها من الأحكام،ويمنع من أدائها. فهو مانع من أصل الطلب؛ لأن العقل شرط لتعلق الخطاب بأفعال المكلف؛ لأنه مناط التكليف، ومثل الحيض، والنفاس، فإنه يمنع الصلاة، والصوم، ودخول المسجد، ويمنع من أدائها، فهو مانع من أصل الطلب؛ لأن النقاء من الحيض، والنفاس شرط في الصلاة، والصوم، ودخول المسجد، فكان وجود زوال العقل، ووجود الحيض والنفاس، كل منهما مانعاً من الطلب، ومن الأداء.
  • والثاني ما يمنع من الطلب ولا يمنع من الأداء: فنحو الأنوثة بالنسبة لصلاة الجمعة، والبلوغ بالنسبة للصوم. فإن الأنوثة مانع من طلب صلاة الجمعة، والصغر مانع من طلب الصلاة والصوم؛ لأن صلاة الجمعة لا تجب على المرأة، والصلاة والصوم لا تجب على الصبي. ولكن لو قامت المرأة بصلاة الجمعة، وقام الصبي بالصلاة والصوم، صحت منهما؛ لأن المانع مانع من الطلب، وليس مانعاً من الأداء. ومثل ذلك السفر مانع من طلب الصوم، ومن إتمام الصلاة، ولكن لو صام المسافر، ولو أتم الصلاة ولم يقصرها، جاز؛ لأن المانع مانع من الطلب لا من الأداء. وكذلك جميع أسباب الرخص هي موانع من الطلب لا من الأداء.