المادة 54: للوالي صلاحية الحكم والإشراف على أعمال الدوائر في ولايته نيابة عن الخليفة، فله جميع الصلاحيات في ولايته عدا المالية والقضاء والجيش، فله الإمارة على أهل ولايته، والنظر في جميع ما يتعلق بها. إلا أن الشرطة توضع تحت إمارته من حيث التنفيذ لا من حيث الإدارة.

المادة 54: للوالي صلاحية الحكم والإشراف على أعمال الدوائر في ولايته نيابة عن الخليفة، فله جميع الصلاحيات في ولايته عدا المالية والقضاء والجيش، فله الإمارة على أهل ولايته، والنظر في جميع ما يتعلق بها. إلا أن الشرطة توضع تحت إمارته من حيث التنفيذ لا من حيث الإدارة.

 دليلها أن الوالي نائب عن الخليفة في المكان الذي عينه فيه. فله ما للخليفة من صلاحيات، وهو كالمعاون في عموم النظر إذا كانت ولايته عامة، ولكن في مكان (ولايته) لا يتجاوزه ويحتاج إلى تقليد جديد لأي مكان آخر (ولاية أخرى). وله خصوص النظر في الأمور التي ولي فيها فقط إن كانت ولايته خاصة، ولا صلاحية له في النظر في غيرها.

وقد كان الرسـول صلى الله عليه وآله وسلم يولي بعض الولاة في كل شـيء ولايـة عامة، كما كان لمعاذ بن جبل حين ولاه صلى الله عليه وآله وسلم اليمن وجعل له الصلاة والصدقة. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يولي بعض الولاة ولاية خاصة، كما كان لفروة بن مسيك حين ولاه صلى الله عليه وآله وسلم على مراد ومذحج وزبيد، وأرسل معه خالد بن سعيد على الصدقة. وهكذا كانت ولاية معاذ بن جبل ولاية عامة على الصلاة والصدقة، وكانت ولاية فروة بن مسيك ولاية خاصة على الصلاة، وكانت ولاية خالد بن سعيد ولاية خاصة على الصدقة.

وكذلك كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يرسل بعض الولاة، ولا يعلِّمه كيف يسير، فقد أرسل علياً رضي الله عنه إلى اليمن ولم يعلِّمه شيئاً لعلمه به ومعرفته بقدرته. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يرسل بعضهم ويعلمه كيف يسير، فقد أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له: «كَيْفَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ قَالَ أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يُرْضِي رَسُولَهُ»

أخرجه أحمد والترمذي والدارمي وأبو داود واللفظ لأحمد. وكذلك ذكر نحوه ابن قدامة في المغني والآمدي في الإحكام، فالحديث مشهور، أخذ به المجتهدون المعتبرون، فيعتبر من هذه الناحية من الحسن.

وهكذا فإنه يجوز أن يوّلى الوالي ولاية عامة أو ولاية خاصة، كما يجوز أن يبين له سير عمله تفصيلاً أو إجمالاً...

وإنه وإن كان يجوز للخليفة أن يعين والياً ولاية عامة، وأن يعين والياً ولاية خاصة، إلا أنه ثبت من ولاية معاوية ولاية عامة أنه استقل عن الخليفة في أيام عثمان، ولم يكن يظهر سلطان عثمان عليه، وبعد وفاة عثمان أحدث تلك الفتنة بما يملك من صلاحيات الحكم في كل شيء في بلاد الشام، وثبت أيام ضعف الخلفاء العباسيين أن الولاية العامة مكنت من استقلال الولايات، حتى لم يبق للخليفة عليها من سلطة سوى الدعاء باسمه، وسك النقود باسمه، ومن هنا كان إعطاء الولاية العامة يسبب ضرراً للدولة الإسلامية، ولذلك تخصص ولاية الوالي فيما لا يؤدي به إلى الاستقلال عن الخليفة.

وبما أن الذي يمكن من الاستقلال هو الجيش والمال والقضاء، لأن الجيش هو القوة، والمال هو عصب الحياة، والقضاء هو الذي يظهر به حفظ الحقوق وإقامة الحدود، لهذا تجعل الولاية للولاة ولاية خاصة في غير القضاء والجيش والمال، لما يسبب جعلها بيد الوالي من خطر الاستقلال، وما يعود من ذلك على الدولة من خطر. وبناء على هذا وضع القسم الثاني من هذه المادة.

وأما القسم الأخير منها فإن الوالي حاكم ولا بد له من قوة للتنفيذ، ولهذا كانت الشرطة تحت إمارته، وكانت إمارته شاملة لها كما هي شاملة لكل شيء في الولايـة، ما عـدا الثلاثة الآنفة الذكـر. إلا أن الشـرطـة باعتبارها تابعة للأمن الداخلي فإن إدارتها تكون بيد دائرة الأمن الداخلي ولكنها تكون تحت تصرف الوالي.