برز مصطلح الدولة المدنية في ظل الربيع العربي عموما، وفي الوسط السياسي المصري خصوصا، ويروج له بعضهم بشدة غير مسبوقة خصوصا بعد الثورة التي أتت على دولة مبارك العلمانية، وأصبحت شعارا للعلمانيين والقوميين "والإسلاميين"، ومن ورائهم الغرب، والإعلام.

فالعلمانيون يطالبون بدولة مدنية ويقصدون بذلك دولة علمانية تقوم على أساس المواطنة، تفصل الدين عن الحياة، والذين يرفعون شعار "الإسلام الوسطي" يقولون أنهم يريدون دولة مدنية، ولكنهم يؤكدون أن دولتهم المدنية تلك يجب أن تكون ذات "مرجعية إسلامية". فما هي الدولة المدنية تلك التي تجمع العلماني على الإسلامي، والغربي على الشرقي، ومن أين جاء هذا المصطلح؟ وهل حقا يمكن أن تكون ذات مرجعية إسلامية؟  وما هي الدولة الدينية؟ وهل دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- هي دولة دينية؟  هذه الأسئلة وغيرها لا بد من الإجابة عليها حتى يفهم الناس ما هي هذه الدولة التي يروج لها هؤلاء الربيع العربي الذي بدأ في بلاد العرب من البلاد الإسلامية، ولكنه لم ينته بعد، ولا يقتصر على بلاد العرب من بلاد لإسلام، وإن عمي الإعلام وصم !

بداية لا بد من التذكير أن الإسلام صريح واضح في أحكامه : قال الله تعالى: { قُلْ هَـٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ وَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} حاضر في وتاريخه : قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ۗ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ لَكَانَ خَيْرًۭا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ} وميزان الإسلام للتمكين ليس موضع اجتهاد لقطعيته: قال الله تعالى: { ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا۟ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ }، ورغم ذلك فقد أخبرنا ونهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: (لتتبعن سُنَنَ من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)، بل وإن رغم صراحة ووضوح الإسلام في أحكامه إلا انه سيكون هناك من يبتغون الفتنة والضلال والإضلال، وفي عصرنا هذا تجاوزا المتشابه من الكتاب إلى المحكم، ولكن الله غالب على أمره، قال الله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ مِنْهُ ءَايَـٰتٌۭ مُّحْكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتٌۭ ۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌۭ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ}!

 

  • التأصيل والتفصيل في مصطلح "الدولة المدنية "!

لقد برز هذا المسمى بفعل التضليل الثقافي الذي تقوم به أمريكا في المنطقة للتلبيس على المسلمين ليقبلوا بهذا المصطلح. وتأثر به الكثيرون باعتبار الدولة المدنية بديلاً عن حكم العسكر والطواغيت. كما روج لها بعض الساسة وجعلوها في مقابل الدولة الدينية المرفوضة من الجميع.

والحقيقة أن لفظ "الدولة المدنية" غير مستخدم في اللغات الغربية، بل الموجود هو لفظ "المجتمع المدني"، بمعنى المجتمع الحي الذي تنشط فيه الجماعات والمؤسسات غير الحكومية في مجالات الفن والثقافة والفكر وغيرها، فاللفظ في الأساس غير مرتبط بالعلمانية ودولتها بشكل مباشر، وفي اللغات الغربية تستخدم عبارة "الدولة العلمانية" بشكل صريح ويروج لها، لأن عبارة العلمانية تترك انطباعاً إيجابياً في وجدان الإنسان الغربي الذي ضجّ من ظلم الكنيسة المسيحية وحكمها باسم الدين في العصور الوسطى، فاعتنق العلمانية عقيدة له، أما المسلم فإن عبارة "الدولة العلمانية" تترك انطباعًا سلبياً في وجدانه، فهو يدرك أنها تخالف إسلامه العظيم، الذي أنهضه من الانحطاط وبه ساد العالم، لذلك ابتُدِعت عبارة "الدولة المدنية" في العربية كمرادف مزخرف للدولة العلمانية كي تُسَوَّق هذه الدولة للمسلمين ويقبلوا بها، كما جاءوا من قبل بلفظ "القانون المدني" مرادفاً مزخرفاً للقانون الوضعي غير المأخوذ من الإسلام ليسوقوا أحكام الكفر بين المسلمين.

وأيضاً فإن لفظ "المدنية" له انطباع إيجابي عند الناس، فهو يوحي بالتحضر والتقدم والرخاء، إذ إن نقيض "المدنية" هو "البدوية" أو حتى "الهمجية" في وجدان الناس، فما دمت لا تريد أن تكون "بدوياً" ولا "همجياً" فعليك إذاً أن تكون... "مدنياً"! .. هكذا يُسَوَّق الكفر إلى الناس بأسلوب مخادع لئيم! وصدق فيهم قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.

 

  • الدولة الدينية عند الغرب:

ومن ناحية أخرى فهناك فرق عظيم بين دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- والدولة الدينية في الثقافة الغربية، وكما يفهمها العلمانيون في بلادنا المضبوعون بهذه الثقافة. ففي الفكر الغربي الدولة الدينية هي الدولة التي تقوم على أساس نظرية الحق الإلهي أو دولة الكنيسة، فالدولة المدنية في المصطلح  على هذا الفكر هي الدولة التي لا سيطرة للدين عليها ولا تتصف بالصفة الدينية، أي تفصل الدين عن الحياة، أي الدولة العلمانية، ولذلك أطلقت العلمانية على عملية نزع الصفة أو السيطرة الإكليريكية عن الدولة: secularization. وهذا المعنى للدولة الدينية التي كانت قائمة في أوروبا في العصور الوسطى لا وجود له في الإسلام. فالدولة الدينية هي التي يسيطر عليها رجال الدين، وتوصف بأنها دولة إلهية مقدسة تستمد سلطتها من الله، ولا يجوز لأحد محاسبتها لأن أوامرها إلهية، لا تقبل النقد ولا حتى مجرد المناقشة. وهي تسمى أيضا دولة الحق الإلهي، حيث كان القياصرة والملوك في أوروبا وروسيا يتخذون الدين مطية لذلك، ويستغلونه لإبقاء ظلمهم وقهرهم للشعوب، فانتفض فلاسفة ومفكرون ضد هذا الظلم، منهم من أنكر الدين مطلقا، ومنهم من أقر به ولكنه دعا إلى فصله عن الحياة، فنشأ صراع رهيب بينهم وبين الملوك ورجال الدين، انتهى بحل وسط هو فصل الدين عن الحياة، ونتج عن ذلك طبيعيا فصل الدين عن الدولة.

 

  • أما دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- فليست دولة دينية بهذا المعنى الكهنوتي الأوروبي أبداً، ولا تشابه مطلقا بينهما،:
  1. فدولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- ليست دولة إلهية ولا مقدسة،
  2. وهي تستمد سلطانها من الأمة، فهي التي تنيب عنها من يحكمها وتنتخبه انتخاباً،
  3. والسيادة فيها للشرع وليست للشعب،
  4. وخليفة المسلمين ينفذ الشرع الذي بويع على الحكم به، ويستمد سلطانه من بيعة الناس له وليس من حق إلهي،
  5. وهو ليس حاكما مقدسا ولا معصوماً بحال من الأحوال، بل هو يخطئ ويصيب، وعلى الأمة أن تُقَوِّمَه وتوجهه، ولكل مسلم محاسبة الخليفة فيما يقوم به من أعمال، بل لغير المسلمين من رعايا الدولة إظهار الشكوى منه إن هو قصر في رعايتهم.
  6. كما أن الإسلام ليس فيه رجال دين، يحللون ويحرمون كيفما شاؤوا، أو يكونون وسطاء بين الناس وبين الله، بل إن دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- تمنع كل ما يشعر بوجودهم، وإنما في الإسلام علماء مجتهدون، يستنبطون الأحكام من مصادرها الشرعية، ولا يحللون ويحرمون كما يشاؤون، وهم دائما مطالبون بالدليل الشرعي على أقوالهم. كما أنه لا يوجد شيء في الإسلام اسمه سلطة روحية كهنوتية يقابلها سلطة دنيوية زمنية.

وبرغم ذلك الفارق الكبير بين دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- والدولة المدنية العلمانية، لا زلنا نسمع بعض الناس يتساءل هل الدولة في الإسلام مدنية أم دينية؟

  إن الذي يسأل هذا السؤال كمن يسأل هل الدولة في الإسلام اشتراكية أم رأسمالية؟، ونحن نقول أن الدولة في الإسلام لا هذه ولا تلك. إن مطالبة العلمانيين بالدولة المدنية، ربما يكون أمرا مقبولا نوعا ما، فهو أمر منسجم مع قناعاتهم، وهم مدركون تماما أن الدولة المدنية تلك هي الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة:

 

  • أما قول من يقول دولة مدنية بمرجعية إسلامية فهو يلبس على الناس دينهم، فالنقيضان لا يجتمعان:
  1.  فلفظ "مدني" كما بينا دائماً ما يذكر كمضاد لكلمة الشرع أو الشريعة، فأنت تسمع قولهم قضاءً مدنيا مقابلًا للقضاء الشرعي، فمعنى القضاء المدني القضاء الذي يحكم بالقوانين الوضعية غير المأخوذة من الشرع الإسلامي، والقضاء الشرعي هو الذي يحكم بالقوانين الشرعية، وكذلك التفريق بين الزواج المدني والزواج الشرعي، والقانون المدني والشرائع السماوية، والتربية المدنية والتربية الشرعية، والمراجع المدنية والمراجع الشرعية.
  2. وفي الدولة المدنية يجري انتخاب رئيس الدولة دون النظر لكونه مسلما أو غير مسلم.
  3. كما تفتح الدولة المدنية المجال أمام جميع التيارات العلمانية أو اليسارية أو غيرها ليكون لها نشاط سياسي وإعلامي، يعطيها الحق في الترشح لمجلس الأمة ورئاسة الدولة.

 

إن الدولة هي تجسيد لمجموعة الأفكار والمقاييس والقناعات التي تعتنقها الأمة، والأمة الإسلامية تعتنق العقيدة الإسلامية، ومن هنا لا بد أن تعبر دولتها عن هذه الأفكار والمقاييس والقناعات، أي لا بد أن تقوم الدولة على العقيدة الإسلامية، قال تعالى {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور}، وقال أيضا {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ}.

 فدولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- هي دولة الخلافة، وهي دولة لا يُفْصَلُ الدين فيها عن السياسة، بل هي دولة قائمة على عقيدة ثابتة وقيادة فكرية ينبثق عنها أنظمة الحياة التي تنفذها الدولة. هي دولة لها حضارة معينة هي طريقتها في الحياة، ولها عمل أصلي وجدت من أجله وهو تطبيق الإسلام وحمل الدعوة الإسلامية للناس كافة.

 هي دولة نظام الحكم فيها يقوم على قواعد أربع - كما في دستور دولة الخلافة-:

  1. السيادة للشرع
  2. السلطان للأمة
  3. نصب خليفة واحد فرض على المسلمين
  4. للخليفة وحده حق التبني.

 

  • الصدق والصراحة خير من الكذب والمراوغة

ولنا أن نتساءل لماذا يلجأ بعض السياسيين للعب بالمصطلحات، لماذا لا يقول العلماني أنا أريد دولة علمانية، أي لا أريد للدين أثرا في الدولة، ولماذا لا يقول "الإسلامي" أنا أريد دولة إسلامية؟

  ويمكننا أن نجيب :

  1. بأن العلمانيين يدركون أن تصريحهم بشكل واضح أنهم يرفضون الدين كنظام حاكم للدولة يفقدهم الكثير من التأييد الشعبي القائم على عدم إدراك حقيقي لما يريده هؤلاء من السير خلف الغرب حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب دخلوه وراءهم، لذا فهم يختبئون خلف مصطلح الدولة المدنية.
  2. كما أن الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم، يدركون أن الدولة المدنية تعني على الحقيقة الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة والدولة، وهم يرون أنهم قد وقعوا بين نارين أحلاهما مر، فهم إن رفضوا تلك الدولة وقعوا في فخ عدم الرضى عنهم من الغرب وخصوصا أمريكا، وهم إن قبلوها خسروا قاعدتهم الشعبية التي لا ترضى بالإسلام بديلا، لذا فقد لجأوا لمصطلح الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، وهذا نوع من التلبيس والالتفاف على الناس.
  3. كما يمكننا من خلال قراءة الواقع الراهن أن نؤكد وجود حالة من عدم الثقة بين الطرفين، فالإسلاميون لا يثقون بالعلمانيين ويدركون أنهم -أي العلمانيون- إذا سنحت لهم الفرصة فسيجعلون من مصر دولة علمانية على النمط الأتاتوركي، والعلمانيون لا يثقون بالإسلاميين، ويدركون أن الإسلاميين إذا تمكنوا فسينقلبون على ديمقراطيتهم المقدسة.
  4. وبالنهاية ما نراه الآن هو مجرد صراع على الكراسي، أي على السلطة، والجميع يُسَوِّق نفسه للغرب وعلى رأسه أمريكا كي تقبل به حاكما على رأس السلطة، فهم جميعا قد أصابهم اليأس من القدرة على التغيير الجذري الحقيقي بعيدا عن الرضى الأمريكي، ويكاد أن يكون هناك إجماع من الطرفين أن خيوط اللعبة جميعها بيد "العم سام". هذا الصراع المحتدم ليس الإسلام طرفا فيه، بمعنى أن من يرفع شعار الإسلام لا يعمل حقيقة على تمكين الإسلام في الحكم، إنما يستخدمه كشعار يجلب له المزيد من المؤيدين، وحقيقة الصراع هو أن الجميع يريد أن يسوق نفسه للغرب ليؤكد له أنه الأقدر على قيادة المرحلة القادمة.

 

  • لذلك فيا أيها "الإسلاميون" اصدقوا وأفصحوا القول!

إن العلماني الذي جعل إلهه هواه قد يجد في مبدأ الضلال والهوى وشريعة "الغاية تبرر الوسيلة" مسوغا ليكون كذابا ومراوغا، أما من انتسب إلى الإسلام، فلن يكون أحرص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على دين الله وإظهاره على الدين كله، ولو كره الكافرون والمشركون والمنافقون! لذلك يجب على الإسلاميين أن يلتزموا دينهم في دعوتهم، ويتأسوا برسول الله صلى الله عليه وىله سولم، فيعلنوا بكل وضوح رفضهم للدولة الكفر سواء وصفت أنها مدنية أم ديمقراطية أم اشتراكية أم علمانية، ويجب عليهم أن لا يتحرجوا من الحديث عن دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- التي يجب أن يسعوا لإقامتها إن صدقوا في دعواهم، قال الله عز وجل: { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ }

  1. فإذا كانوا يرون أن الدولة المدنية لا تناقض دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام-، بل إن دولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام- هي الدولة المدنية، فلينادوا صراحةً بدولة الخلافة - الدولة الإسلامية، دولة الإسلام، دار الإسلام-، وليتخلوا عن هذا المصطلح المبهم "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية"، ولا يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير،
  2. وإذا كانوا يرون أن الدولة المدنية مناقضة للدولة الإسلامية، فهم أولى الناس بالسعي لإقامتها ورفع لوائها، فلينزهزا أنفسهم ان يجعلوا أنفسهم أداة تضليل وتلبيس على الناس، قال الله عز وجل: { يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقُولُوا۟ رَ‌ٰعِنَا وَقُولُوا۟ ٱنظُرْنَا وَٱسْمَعُوا۟ ۗ وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ}!
  3. كما يجب عليهم أن يدركوا أن الصراع بين الحق والباطل صراع أبدي، وأن عليهم أن يكونوا مع الحق، وألا يكونوا أداة هدم في يد الباطل. قال تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وقال أيضا{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ }.