لقد تظافرت الإدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية على وحدة الامة الاسلامية ووحدة الخلافة الاسلامية ككيان سياسي واحد للامة الاسلامية بل إن وحدة الامة من الاهمية بمكان إلى الدرجة التي لا تسمح الشريعة بتفريقها وشق شملها فمن يحاول الانفصال أوالاستقلال عن كيان الامة السياسي المتمثل في الخلافة ، يجب أن يقاتل حتى يرجع، ويشهد لهذا إجماع الصحابة على قتال المرتدين وإعادتهم إلى حظيرة الاسلام وإلى طاعة الخليفة.

وحدة الدولة - الخلافة- قضية مصيرية للمسلمين ومن قواعد نظام الحكم في الإسلام وأما تعدد دولة المسلمين - دولة الخلافة- فلا ترفضه اللغة العربية على سعتها فلم تضع له جمعا، بل وتحرمه الشريعة الإسلامية، لما فيه من مخالفة لأمر الله وما يترتب على ذلك من عظيم الأثم عند الله فهو يهدم وحدة المسلمين ،ويتناقض مع كونهم أمة واحدة من دون الناس ، ويؤدي إلى تفريقهم وفشلهم وذهاب ريحهم، قال الله تعالى وَأَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفْشَلُوا۟ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَٱصْبِرُوٓا۟ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ ، كما ثبت قطعا من وقائع التاريخ والحاضر المحسوس . فاذن يجب أن يكون المسلمون جميعاً في دولة واحدة، وأن يكون لهم خليفة واحد لا غير، ويحرم شرعاً أن يكون للمسلمين في العالم أكثر من دولة واحدة، وأكثر من خليفة واحد.

وحدة دولة الخلافة قضية مصيرة

كما يجب أن يكون نظام الحكم في دولة الخلافة نظام وحدة، ويحرم أن يكون نظاماً اتحادياً؛ وذلك لما روى مسلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«ومِنْ بايع إماماً، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر». ولما روى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ أتاكم وأمرُكُم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشقّ عصاكم، أو يُفرّق جماعتكم فاقتلوه». ولما روى مسلم عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: « إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». ولما روى مسلم أن أبا حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحدّث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم».

  •  فالحديث الأول يبيّن أنه في حالة إعطاء الإمامة، أي الخلافة، لواحد، وجبت طاعته، فإن جاء شخص آخر ينازعه الخلافة، وجب قتاله وقتله إن لم يرجع عن هذه المنازعة.
  • والحديث الثاني يبين أنه عندما يكون المسلمون جماعة واحدة، تحت إمرة خليفة واحد، وجاء شخص يشق وحدة المسلمين، ويفرق جماعتهم وجب قتله. والحديثان يدلان بمفهومهما على منع تجزئة الدولة، والحث على عدم السماح بتقسيمها، ومنع الانفصال عنها، ولو بقوة السيف.
  • والحديث الثالث يَدلّ على أنه في حالة خلوّ الدولة من الخليفة - بموته أو عزله أو اعتزله - ومبايعة شخصين للخلافة، يجب قتل الآخر منهما، أي يكون الخليفة هو الذي بويع بيعةً صحيحةً أولاً، ويُقتل الذي بويع بعد ذلك إن لَم يعلن تركه للخلافة، ومن باب أولى إذا أعطيت لأكثر من اثنين. وهذا كناية عن منع تقسيم الدولة، ويعني تحريم جعل الدولة دولاً، بل يجب أن تبقى دولة واحدة.
  • والحديث الرابع يدل على أن الخلفاء سيكثرون بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأن الصحابة، رضوان الله عليهم، سألوه بماذا يأمرهم عندما يكثر الخلفاء، فأجابهم بأنه يجب عليهم أن يفوا للخليفة الذي بايعوه أولاً؛ لأنه هو الخليفة الشرعي ، وهو الذي له الطاعة ، وأما الاخرون فلا طاعة لهم ، لأن بيعتهم باطلة ، وغير شرعية ولأنه لا يجوز أن يُبايَع لخليفةٍ آخر مع وجود خليفة للمسلمين. وهذا الحديث كذلك يدل على وجوب أن تكون الطاعة لخليفة واحد، وبالتالي يدل على أنه لا يجوز أن يكون للمسلمين أكثر من خليفة، وأكثر من دولة واحدة.