أصول الفقه الإسلامي

الدليل لغة بمعنى الدالّ، وقد يطلق الدليل على ما فيه دلالة وإرشاد، وهذا هو المسمى دليلاً في تعريف الفقهاء، حيث يعرفونه بأنه الذي يمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. وأما دليل الأصول فقد عرِّف بأنه الذي يمكن أن يتوصل به إلى العلم بمطلوب خبري، وبعبارة أخرى هو الذي يتخذ حجة على أن المبحوث عنه حكم شرعي.

وكل دليل شرعي إما أن يدل على الحكم دلالة قطعية أو ظنية:

  • فإن دل دلالة قطعية، بأن كان قطعياً كالقرآن والحديث المتواتر وكان قطعي الدلالة أيضاً، فلا إشكال في اعتباره،
  • وإن دلّ على الحكم دلالة ظنية، فإن كان أصله قطعياً وهو الكتاب والحديث المتواتر فهو معتبر أيضاً،
  • وإن كان أصله ظنياً كخبر الآحاد فحينئذ يجب التثبت، منه ولا يصح إطلاق القول بقبوله. أي التثبت من الخبر هل هو صحيح أو لا قبل الحكم بقبوله، فإن صح قبل ولو كان ظنياً؛ لأن خبر الواحد الموثوق بصدوره يعتبر حجة وإن لم يقطع بصدوره، والتثبت يكون لمعرفة الوثاقة والاطمئنان إلى أنه صدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

والأدلة الشرعية نوعان:

  • أحدهما يرجع إلى ألفاظ النص وما يدل عليه منطوقها ومفهومها، وهو الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، وهو يحتاج إلى الفهم والنظر.
  • والثاني يرجع إلى معقول النص، أي يرجع إلى العلة الشرعية، وهو القياس، وهو يحتاج إلى العلة الشرعية التي دل عيها النص الشرعي.

إعتبار الدليل شرعياً

والدليل الشرعي لا يعتبر دليلاً شرعياً إلا إذا كان وارداً من جهة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إما بالنص أو أن يكون النص قد دل عليه، وهو في نفس الوقت راجع إلى النص، وإذا لم يكن كذلك لا يعتبر دليلاً شرعياً.

أما النص فهو دليل قطعاً،:

  • سواء أكان من قبيل ما يتلى وهو ما نـزل به الوحي لفظاً ومعنى وهو القرآن،
  • أم كان من قبيل ما لا يتلى وهو ما نـزل به الوحي معنى وعبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بألفاظ من عنده أو بفعله أو بسكوته وهو السنة.

وأما ما دل عليه النص فإنه يعتبر دليلاً إذا كانت دلالته راجعة إلى نفس النص وذلك هو إجماع الصحابة والقياس.

  • أما إجماع الصحابة فإن كونه يكشف عن أن هناك دليلاً من النص، يجعل دلالته راجعة إلى نفس النص، وأيضاً فإن النصوص الواردة من جهة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دلت على اعتباره حجة. وذلك أن القرآن والحديث جاء فيهما ما يدل صراحة على الثناء على الصحابة واعتبار الإقتداء بهم، ولأن الصحابة رأوا الرسول في حال قوله وفعله وسكوته. فإجماعهم على أمر يدل على أنهم رأوا دليلاً واشتهر بينهم، فأجمعوا على الحكم ولم يرووا الدليل. وعليه اعتبر إجماع الصحابة دليلاً شرعياً وحجة يستند إليها، من ناحية كون النص الشرعي دل عليه، ومن ناحية كونه يكشف عن أن هناك دليلاً، فدلالته راجعة إلى نفس النص.
  • وأما القياس؛ فلأن دلالته راجعة إلى نفس النص؛ لأن النص لا يخلو إما أن يكون متضمناً علة، أو غير متضمن علة. فإن كان متضمناً علة، فإنها تعتبر حجة أينما وجدت ويقاس عليها، وهذا هو القياس الشرعي. وإن لم يكن متضمناً علة، فلا يدخله القياس. وأيضاً فإن النصوص الواردة من الرسـول صلى الله عليه وآله وسلم دلت على اعتـبـاره حجة، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أرشد إلى القياس، وأقـر القـيـاس. وعليه اعتبر القياس دليلاً شرعياً وحجة يستند إليها، من ناحية كون العلة الشرعية التي جرى القياس بها قد تضمنها النص، فدلالته راجعة إلى نفس النص، ومن ناحية كون النص الشرعي دل عليه.