الإسلام عقيدة ينبثق عنها نظام، ينظم علاقات الإنسان جميعها. وعقيدة الإسلام مقنعة للعقل، موافقة للفطرة ، جازمة في أدلتها، واضحة في مضمونها، سهلة في فهمها. هي المفتاح للإسلام، الدخول فيه متوقف على الاقرار بها إقرارا جازما دون إكراه... والعقيدة الإسلامية أساس الإسلام كله، وهي أساس قيادته الفكرية ونهضته وحضارته دولته -دولة الخلافة-. ولا تعتبر الأفكار والأحكام والآراء إسلامية إلا إذا انبثقت عن العقيدة الإسلامية وانضبطت بالشريعة الإسلامية في الاستنباط والإستدلال. مقياس الأفعال في الإسلام فقط الحلال والحرام، والسيادة فيه للشرع فقط والسلطان للأمة المزيد: الإسلام نظام حياة متميز


 

وجب بلورة تعريف مصطلح "الحضارة" ومصطلح "المدنية"، وذلك لتفادي الخلط المتكرر بين المصطلحين، ولتفادي التبعات الكارثية لهذا الخلط! فالحضارة هي مجموع المفاهيم عن الحياة، والمدنية هي الأشكال المادية للأشياء المحسوسة التي تستعمل في شؤون الحياة . ولذلك تكون الحضارة خاصة حسب وجهة النظر في الحياة ، في حين تكون المدنية خاصة وعامة . فالأشكال المدنية التي تنتج عن الحضارة كالتماثيل تكون خاصة ، والأشكال المدنية التي تنتج عن العلم وتقدمه ، والصناعة ورقيها ، تكون عامة ، ولا تختص بها أمة من الأمم ، بل تكون عالمية كالصناعة والعلم .

لم يتخلف المسلمون عن ركب العالم نتيجة لتمسكهم بدينهم ، وإنما بدأ تخلفهم يوم تركوا هذا التمسك وتساهلوا فيه ، وسمحوا للحضارة الأجنبية أن تدخل ديارهم ، وللمفاهيم الغربية أن تحتل أذهانهم ، يوم أن تخلوا عن القيادة الفكرية في الإسلام حين تقاعسوا عن دعوته ، وأساؤوا تطبيق أحكامه .

عند دراسة المجتمع الإسلامي على الأساس الصحيح ، أي ندرسه من جميع نواحيه ، وبالتحقيق الدقيق ، نجده خير المجتمعات ، لأنه هكذا كان في القرن الأول والثاني والثالث ، ثم سائر القرون حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، ونجده طبق الإسلام في جميع عصوره ، حتى أواخر الدولة العثمانية بوصفها دولة إسلامية .

مسألة هل طبق المسلمون الإسلام ؟ أم أنهم كانوا يعتنقون عقيدته ويطبقون غيره من الأنظمة والأحكام ؟ ! والجواب على ذلك أن المسلمين طبقوا الإسلام وحده في جميع العصور ، منذ أو وصل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة حتى سنة 1336 هـ أي 1918 ميلادية حين سقطت آخر دولة إسلامية على يد الاستعمار ، وكان تطبيقها شاملاً حتى نجحت في هذا التطبيق إلى أبعد حدود النجاح .