إن الله سبحانه وتعالى جعل المال سبباً لإقامة مصالح العباد في الدنيا، وشَرَع طريق التجارة لاكتساب تلك المصالح، لأن ما يحتاج إليه كل أحد لا يوجد ميسوراً في كل موضع، ولأن أخذَه عن طريق القوة والتغالب فساد، فلا بد أن يكون هنالك نظام يمكّن كل واحد من أخذ ما يحتاج إليه عن غير طريق القوة  والتغالب، فكانت التجارة، وكانت أحكام البيع، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم}.

 أنواع التجارة من حيث المشروعية

 والتجارة نوعان:

  1. حلالٌ يسمى في الشرع بيعاً،
  2. وحرامٌ يسمى ربا، كل واحد منهما تجارة،

فإن الله أخبر عن الكَفَرة إنكارهم الفرق بين البيع والربا عقلاً، فقال عزّ وجلّ: {ذلك بأنهم قالوا إنّما البيع مثل الربا} ثم فرّق بينهما في الحِلّ والحُرمة بقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرّم الربا}، فعرفنا أن كل واحد منهما تجارة وأن الحلال الجائز منهما شرعاً هو البيع.

عقد البيع

وانعقاد هذا البيع يكون بلفظين، أحدهما يدل على الإيجاب والآخر يدل على القبول، وهما: بعتُ واشتريتُ، وما في معناهما قولاً وعملاً. ويجوز أن يتولى صاحب السلعة البيع وأن ينيب عنه وكيلاً أو رسولاً ليقوم بالبيع عنه، ويجوز أن يستأجر أجيراً ليقوم بالبيع عنه على أن يكون أجره معلوماً، فإن  استأجره على جزء من الربح كان شريكاً مضارباً وانطبق عليه حكم المضارِب لا حكم الأجير، وكذلك يجوز أن يشتري المال بنفسه أو بواسطة وكيله أو رسوله أو أن يستأجر من يشتري له بنفسه.

 والحاصل أن التجارة جائزة، وهي نوع من أنواع تنمية الملك وواضحة في أحكام البيع والشركة. وقد وردت التجارة في القرآن والحديث، قال تعالى: {إلاّ أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألاّ تكتبوها}، وروى رفاعة {أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: يا معشر التجار.فرفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه إجابة له فقال: إن التجار يُبعثون يوم القيامة فجاراً إلاّ من بَرّ وصَدَق}، وروى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء}.أخرجهما الترمذي.

 التجارة داخلية وخارجية

والتجارة نوعان:

  1. التجارة الداخلية: وهي البيع والشراء الجاري بين الناس في السلع الموجودة لديهم، سواء أكانت من منتوجاتهم، زراعية كانت أم صناعية، أم من منتوجات غيرهم، ولكنها أصبحت في بلادهم يتبادلونها. والتجارة الداخلية لا شيء فيها ولا قيود عليها إلا ما ورد من الأحكام المتعلقة بالبيع أما السلع ونوع السلع ونقلها داخل البلاد من بلد إلى بلد فهو متروك لكل إنسان أن يتاجر ضمن أحكام الشرع وليس للدولة على التجارة الداخلية إلا حق الإشراف فقط.
  2. التجارة الخارجية: وهي شراء السلع من خارج البلاد وبيع سلع البلاد إلى خارجها، سواء أكانت هذه السلع زراعية أم صناعية. وهذه التجارة تخضع لإشراف الدولة المباشر فهي التي تتولى الإشراف على إدخال السلع وإخراجها وعلى التجار الحربيين والمعاهدين.

 

 الإقتصاد في دستور دولة الخلافة على منهاج النبوة

 إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net