المادة 43: يشترط في المعاون ما يشترط في الخليفة، أي أن يكون رجلاً، حراً، مسلماً، بالغاً، عاقلا، عدلاً، قادراً من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أعمال.
أدلتها هي أدلة شروط الخليفة:
فيجب أن يكون رجلاً لما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لما بلغه أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» رواه البخاري من طريق أبي بكرة.
ويجب أن يكون مسلماً لقوله تعالى: ((وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141))) [النساء] فيحرم أن يكون الكافر حاكماً على المسلمين، إذ الحكم أعظم سبيل على المسلمين.
وأمـا شـرط أن يكون حراً فلأن العبد مملوك لسيده فلا يملك التصـرف بنفسـه، ومن باب أولى أن لا يملك التصرف بغيره، فلا يملك الولاية على الناس.
وأما شرط أن يكون بالغاً فلقوله صلى الله عليه وآله وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ»، وفي رواية «وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ»، أخرجه ابن ماجة والحاكم من طريق عائشة رضي اله عنها، واللفظ لابن ماجة.وأخرج نحوه الترمذي وابن خزيمة من طريق علي رضي الله عنه.
ومن رفع القلم عنه لا يصح أن يتصرف في أمره، وبالتالي لا يصـح أن يتصرف في أمر غيره. وأيضاً فقد حدث أبو عقيل زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْهُ، فَقَالَ: «هُوَ صَغِيرٌ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ» أخرجه البخاري، وما دام الصبي لم يجز منه أن يُبايِع فعدم جواز أن يُبايَع من باب أولى.
وأما شرط أن يكون عاقلاً فللحديث المار: «رفع القلم عن ثلاثة ...»، إلى أن يقول: « وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ » وفي رواية: «وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ»، ومن رفع عنه القلم لا يصح أن يتصرف في أمره، وبالتالي لا يصح أن يتصرف في أمر غيره.
وأما شرط أن يكون عدلاً فلأن الله تعالى اشترط في الشاهد أن يكون عدلاً قال تعالى: ((وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [الطلاق 2] فمن هو أعظم من الشاهد، وهو الحاكم أي ولي الأمر، من باب أولى أنه يلزم أن يكون عدلاً.
أما شرط أن يكون قادراً من أهل الكفاية فلأن ذلك من مقتضى تقليده الحكم، إذ إن العاجز لا يقدر على القيام بذلك. وللأدلة الواردة ومنها:
أخرج مسلم من طريق أبي ذر رضي الله عنه قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَسْـتَـعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا».
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم عدَّ عدم أخذها بحقها، أي وهو ليس أهلاً لها، عدَّه خزياً وندامةً، وهذه قرينة على الجزم.