روى أوس بن أوس رضي الله عنه [ عن أبيه ] عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال « من غسل واغتسل يوم الجمعة ، وبكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها » .
هذا الحديث حسن رواه أحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد حسنة ، قال الترمذي : هو حديث حسن ، وراويه أوس بن أوس الثقفي
الشرح
1) « غسل واغتسل »
وروي غسل بتخفيف السين ، وغسل بتشديدها ، روايتان مشهورتان ; والأرجح عند المحققين بالتخفيف ،
- على رواية التشديد في معناه ثلاثة أوجه
- غسل زوجته بأن جامعها فألجأها إلى الغسل ، واغتسل هو قالوا : ويستحب له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه
- أن المراد غسل أعضاءه في الوضوء ثلاثا ثلاثا ثم اغتسل للجمعة .
- غسل ثيابه ورأسه ثم اغتسل للجمعة ،
- وعلى رواية التخفيف في معناه هذه الأوجه الثلاثة
- الجماع قاله الأزهري ; قال ويقال : غسل امرأته إذا جامعها
- غسل رأسه وثيابه
- توضأ،
والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه ، ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل .
قال البيهقي : وهو بين في رواية أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أفرد الرأس بالذكر ; لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون .
2) « بكر وابتكر »
وأما قوله صلى الله عليه وسلم « وبكر وابتكر » فقال الأزهري : يجوز فيه بكر بالتخفيف والتشديد ، فمن خفف فمعناه خرج من بيته باكرا ، ومن شدد معناه أتى الصلاة لأول وقتها وبادر إليها ، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه ، وفي الحديث بكروا بصلاة المغرب أي صلوها لأول وقتها ، ويقال لأول الثمار باكورة ; لأنه جاء في أول وقت .
قال : معنى ابتكر أدرك أول الخطبة ، كما يقال ابتكر بكرا إذا نكحها لأول إدراكها .
هذا كلام الأزهري والمشهور بكر بالتشديد ; ومعناه بكر إلى صلاة الجمعة ; وقيل إلى الجامع ; وابتكر أدرك أول الخطبة .
وقيل هما بمعنى جمع بينهما تأكيدا .
حكاه الخطابي عن الأثرم صاحب أحمد ، قال ودليله تمام الحديث ; ومشى ولم يركب ومعناهما واحد قال الخطابي : قال بعضهم : بكر ، أدرك باكورة الخطبة أي أولها ، وابتكر قدم في أول الوقت .
وقال ابن الأنباري : بكر تصدق قبل خروجه كما في الحديث « باكروا بالصدقة » وقيل : بكر راح في الساعة الأولى ، وابتكر فعل فعل المبتكرين من الصلاة والقراءة وسائر وجوه الطاعة وقيل معنى ابتكر : فعل فعل المبتكرين ، وهو الاشتغال بالصلاة والذكر حكاه الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب .
3) « ومشى ولم يركب »
وأما قوله صلى الله عليه وسلم « ومشى ولم يركب » فقد قدمنا عن حكاية الخطابي عن الأثرم أنه للتأكيد ، وأنهما بمعنى ، والمختار أنه احتراز من شيئين :
- الأول: نفي توهم حمل المشي على المضي والذهاب ، وإن كان راكبا
- الثاني: نفي الركوب بالكلية ; لأنه لو اقتصر على مشى لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي ولو في بعض الطريق ، فنفى ذلك الاحتمال ، وبين أن المراد مشى جميع الطريق ، ولم يركب في شيء منها ،
4) « ودنا واستمع »
وأما قوله صلى الله عليه وسلم « ودنا واستمع» فهما شيئان مختلفان .
وقد يستمع ولا يدنو من الخطبة ، وقد يدنو ولا يستمع فندب إليهما جميعا .
5) « ولم يلغ »
وقوله صلى الله عليه وسلم « ولم يلغ » معناه ولم يتكلم ; لأن الكلام حال الخطبة لغو ، وقال الأزهري : معناه استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها .
حُكم المسألة
( أما حكم المسألة ) يستحب لقاصد الجمعة أن يمشي وأن لا يركب في شيء من طريقه إلا لعذر كمرض ونحوه ، والله أعلم.
سارعوا إلى الخيرات بفضل من الله،
وسارعوا إلى كل يوم جمعة مليونيات الإسلام لله،
سارعوا إلى الحكم والتحاكم إلى شرع الله في دولة خلافة على منهاج النبوة