قِسم دولة الخلافة عموما وباب نشأتها هذا خصوصا من موقع دولة الخلافة -موقع نصر- لا يقصد به أن يؤرخ لدولة الخلافة - دولة الإسلام-، وإنّما يقصد به أن يشاهد النّاس كيف أقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دولة الإسلام، وكيف هدم الكافر المستعمر دولة الخلافة - دولة الإسلام-، وكيف يقيم المسلمون دولة الخلافة -دولة الإسلام- ؛ ليعود للعالم النور الذي يضيء له طريق الهدى في حالك الظلمات. مبشرين بوعد الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف:وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  وببشرى رسول الله  بعودتها كما بدأت { ثم تكون خلافة على مناهج النبوة}... فيمكّن الله الدين بدولة الخلافة، ويحفظ حرمات الاسلام والمسلمين، ويبدلننا بعد الخوف والجور أمنا، فيخرج الناس من عبادة العباد إلى عباردة رب العباد، ومن جور الرأسمالية - ومسمياتها الديمقراطية والحريات والمدنية الخ- إلى عدل الإسلام،ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فيدخل الناس في دين الله أفواجا، برحمة الله العزيز الرحيم.


سار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حمل الدعوة في مكة في دورين متتاليين:

  1. دور التعليم والتثقيف والإعداد الفكري والروحي، ,فهذا هو دور فهم الأفكار وتجسيدها في أشخاص وتكتلهم حولها،
  2. ودور نشر الدعوة والكفاح،  ، وهذا هو دور نقل هذه الأفكار إلى قوة دافعة في المجتمع تدفعه لأنّ يطبقها في معترك الحياة.

كان اصطدام قريش بالدعوة الإسلامية أمراً طبيعياً؛  لأنه صلى الله عليه وسلم حمل الدعوة واظهر الكتلة التي تحمل معه الدعوة سافرة متحدية، وفوق ذلك فقد كانت هذه الدعوة بذاتها تتضمن كفاح قريش والمجتمع في مكة لأنها كانت تدعو لتوحيد الله وعبادته وحده، وإلى ترك عبادة الأصنام والإقلاع عن النظام الفاسد الذي يعيشون عليه، فاصطدمت بقريش اصطداماً كلياً، وهل يمكن أن لا يصطدم الرسول صلى الله عليه وسلم بقريش وهو يسفه أحلامهم ويحقر آلهتهم ويندد بحياتهم الرخيصة، وينعي عليهم وسائل عيشهم الظالمة.

حين بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإسلام تحدث النّاس عنه وعن دعوته، وكانت قريش أقلهم حديثاً؛ لأنّهم لم يعنوا به أول أمره وظنوا أن حديثه لن يزيد على حديث الرهبان والحكماء، وأن النّاس عائدون إلى دين آبائهم وأجدادهم، ولذلك لم ينفروا منه ولم ينكروا عليه، وكان إذا مرّ عليهم في مجالسهم يقولون هذا ابن عبد المطلب يكلَّم من السماء، واستمر على ذلك.

كان أمر الدعوة الإسلامية ظاهراً من أول يوم بعث به صلى الله عليه وآله وسلم، وكان النّاس في مكة يعرفون أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم- يدعو لدين جديد، ويعرفون أنه اسلم معه كثيرون، ويعرفون أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم- يكتل أصحابه ويسهر عليهم، ويعرفون أن المسلمين يستخفون عن النّاس في تكتلهم وفي اعتناقهم الدين الجديد.