الحديث المشهور هو ما زاد نقلته عن ثلاثة في جميع طبقاته ولم يصل حد التواتر. وهو لا يفيد اليقين، وإنما يفيد الظن كأي خبر من أخبار الآحاد.
وقد قالوا:إنه يفيد ظناً يقرب من اليقين؛ لأن الأُمة تلقته بالقبول في عهد التابعين، فكان قطعي الثبوت عن الصحابي، والراجح في أصحاب رسول الله التنـزه عن الكذب. ولكن هذا القول لا يعطي الحديث المشهور أكثر مما لأي خبر من أخبار الآحاد؛ لأن القول بأنه يفيد ظناً يقرب من اليقين قول لا معنى له. فالأمر إما ظن، وإما يقين، ولا ثالث لهما، فلا يوجد شيء بين الظن واليقين، ولا شيء يقرب من هذا ويبعد من هذا؛ ولهذا لا معنى لهذا القول، فالمشهور يفيد الظن.
والقول بأنه قطعي الثبوت عن الصحابي لا قيمة له؛ لأن المطلوب أن يكون قطعي الثبوت عن الرسول لا عن الصحابي، والبحث في حديث الرسول لا في أقوال الصحابي؛ ولهذا ليس في هذا القول أي غناء، وبناء عليه فإن الحديث المشهور خبر آحاد وليس أكثر.
الفرق بين المشهور والآحاد
إلا أن الفرق بينه وبين خبر الآحاد، أن خبر الآحاد لا يؤخذ إلا بعد التثبت من روايته؛ لأن فيه غير الصحابة آحاداً، وأما المشهور فيؤخذ من غير تثبت؛ لأن الآحاد آت من رواية الصحابة، وهم عدول لا يسأل عنهم. والمشهور في الحديث هو شهرته في عصر التابعين، وتابعي التابعين. فلو اشتهر بعد هذين العصرين فلا عبرة في ذلك؛ ولهذا لا يقال حديث مشهور عن خبر الآحاد الذي اشتهر بين الناس بعد هذين العصرين، بل يقال عنه خبر آحاد مهما اشتهر، ومن الأحاديث المشهورة قوله : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّـيَّاتِ» أخرجه البخاري ومسلم.