أصول الفقه الإسلامي

 القرآن مشتمل على آيات محكمة، وآيات متشابهة، على ما قال تعالى: (( مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)):

  • أما المحكم فهو ما ظهر معناه وانكشف كشفاً يرفع الاحتمال كقوله تعالى: (( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)) ، (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)) (( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ))إلى غـير ذلك من الآيات.
  • وأما المتشابه فهو المقابل للمحكم، وهو ما يحتمل أكثر من معنى، إما بجهة التساوي، أو بغير جهة التســاوي. فمثال ما يرد فيه المعنى بجــهة التســاوي قوله تعالى: (( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)) فإن لفظ القروء يحتمل أن المراد به الحيض أو الطهر، وقوله تعالى: (( أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)) فإن الذي بيده عقدة النكاح يحتمل أن المراد به الزوج أو الولي، وقوله تعالى: (( أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ)) لتردده بين اللمس باليد والوطء. ومثال ما يرد فيه المعنى لا على جهة التسـاوي قوله تعالى:  (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ))،(( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي))، (( مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا)) ،((اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)) ((وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ)) ، (( وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)) ونحوه، فإنه يحتمل عدة معان، حسب فهم اللغة العربية من حيث أساليب العرب، وحسب المعاني الشرعية، فهذا كله متشابه. وإنما سمي متشابهاً لاشتباه معناه على السامع، وليس المتشابه هو الذي لا يفهم معناه؛ لأنه لا يوجد في القرآن شيء لا يفهم معناه؛ لأن اشتمال القرآن على شيء غير مفهوم يخرجه عن كونه بياناً للناس، وهو خلاف قوله تعالى: (( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ)).

وأما حروف المعجم، في أوائل السور، فإن لها معنى؛ لأنها أسماء للسور، ومعرفة لها، فيقال سورة ألم البقرة، وسورة ألم آل عمران، وسورة كهيعص مريم، وسـورة حـم فصلت ...الخ. ولا يوجد في القرآن شيء لا معنى له ولا يمكن فهـمـه، بل كل ما ورد في القرآن يمكن فهمه، وتعالى الله عن أن يخاطب الناس بما يستحيل عليهم فهمه.