أصول الفقه الإسلامي

الأدلة الشرعية هي أصول الأحكام الشرعية، فهي كأصول، الدين أي كالعقائد سواء بسواء، فهي قطعية لا ظنية. وأصول الشريعة كلها، سواء أكانت أصول الدين أم أصول الأحكام، وهي الأدلة الشــرعية، لا بد أن تكون قطعية ولا يجوز أن تكون ظنية؛ لقوله تعالى: (( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ) وقوله: (( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)).

وقد نص جمهور العلماء على أن أصول الأحكام يجب أن تكون قطعية:

قال الحافظ المجتهد أبو اسحق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المشهور بالشاطبي في كتاب الموافقات: "إن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية، والدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة، وما كان كذلك فهو قطعي" وقال: "لو جاز تعلق الظن بكليات الشريعة لجاز تعلقه بأصل الشريعة؛ لأنه الكلي الأول، وذلك غير جائز" وقال: "لو جاز جعل الظني أصلاً في أصول الفقه لجاز جعله أصلاً في أصول الدين، وليس كذلك باتفاق، فكذلك هنا؛ لأن نسبة أصول الفقه من أصل الشريعة كنسبة أصول الدين"، وقال أيضاً: "وقد قال بعضهم لا سبيل إلى إثبات أصول الشريعة بالظن؛ لأنه تشريع، ولم نتعبد بالظن إلا في الفروع" وقال: "إن الأصل على كل تقدير لا بد أن يكون مقطوعاً به؛ لأنه إن كان مظنوناً تطرق إليه احتمال الاختلاف، ومثل هذا لا يجعل أصلاً في الدين".

وقال الإمام جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي في كتاب نهاية السؤل عند الكلام على دلالة (افعل) من حيث إن الدليل الظني لا يعتبر، قال: "وأما بالآحاد فهو باطل؛ لأن رواية الآحاد، إن أفادت فإنما تفيد الظن، والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية، وهي الفروع، دون العلمية كقواعد أصول الدين، وكذلك قواعد أصول الفقه، كما نقله الأنباري شارح البرهان عن العلماء قاطبة".

على أن آيات القرآن صريحة في النهي عن الظن في الأصول، والنعي على من يتبع الظن، وهي نص في أن أصول الشريعة مطلقاً، سواء أكانت أصول الدين أم أصول الأحكام، يجب أن تكون قطعية، ولا يصح أن تكون ظنية؛ ولهذا لا يوجد في أصول الفقه ما ليس بقطعي مطلقاً؛ للنهي الصريح عن ذلك، بل جميع أصول الفقه قطعية.

 

وعلى هذا، فإن الدليل الشرعي، حتى يعتبر حجة، لا بد أن يقوم الدليل القطعي على حجيته، وما لم يقم الدليل القطعي على ذلك لا يعتبر دليلاً شرعياً.

والأدلة التي قام الدليل القطعي على حجيتها أربعة أدلة ليس غير، وهي:

  1. الكتاب،
  2. والسنة،
  3. وإجماع الصحابة،
  4. والقياس الذي له علة دل عليها نص شرعي،

 

وما عدا هذه الأربعة لا يعتبر دليلاً شرعياً؛ لأنه لم يقم الدليل القطعي عليها. وعليه تحصر أصول الأحكام الشرعية، أي الأدلة الشرعية، بهذه الأربعة، ولا يعتبر غيرها.