أصول الفقه الإسلامي

 خاطب الله المكلفين بالشريعة الإسلامية كلها أصولاً وفروعاً، أي عقائد وأحكاماً فروعية. إلا أن علم أصول الفقه لا يبحث في العقائد، وإنما يبحث في الأحكام الشرعية، من ناحية الأسس التي تبنى عليها، لا من ناحية المسائل التي يتضمنها الحكم. فلا بد من معرفة حقيقة الحكم الشرعي حين البحث في معرفة الأدلة الشرعية،

الحكم الشرعي

وقد عرف علماء أصول الفقه الحكم الشرعي بأنه خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع:

وتفصيل هذا التعريف كما يلي:

  1. فالشارع هو الله تعالى،
  2. وخطاب الشارع يعني خطاب الله. ثم إن خطاب الله، وإن كان توجيه ما أفاد إلى المستمع أو من في حكمه، بحيث يقع خطاباً لموجود قابل للفهم، إلا أن الخطاب هو عين ما أفاد، وليس توجيه ما أفاد. فنفس المعاني التي تضمنتها الألفاظ والتراكيب هي الخطاب.
  3. وإنما قيل خطاب الشارع، ولم يُقل خطاب الله؛ ليشمل السنة وإجماع الصحابة من حيث كونه دالاً على الخطاب، حتى لا يتوهم أن المراد به القرآن فقط؛ لأن السنة وحي فهي خطاب الشارع؛ وإجماع الصحابة يكشف عن دليل من السنة فهو خطاب الشارع.
  4. وإنما قيل المتعلق بأفعال العباد، ولم يـُقل المكلفين، ليشمل الأحكام المتعلقة بالصبي والمجنون كالزكاة في أموالهما.
  5. ومعنى كونه متعلقاً بالاقتضاء أي متعلقاً بالطلب؛ لأن معنى كلمة الاقتضاء الطلب. وهو، أي الطلب، ينقسم إلى طلب فعل وطلب ترك. وطلب الفعل إن كان جازماً فهو الإيجاب أو الفرض، وإن كان غير جازم فهو المندوب أو السنة أو النافلة. وطلب الترك إن كان جازماً فهو التحريم أو الحظر، وإن كان غير جازم فهو الكـراهـة. وأما التخـيير فهـو الإبـاحـة.
  6. أما خطاب الوضع، أو الخطاب المتـعـلـق بأفـعـال العباد بالوضع، فهو جعل الشيء سبباً أو مانعاً أو ما شاكل ذلك، مثل كون دلوك الشمس موجباً لوجود الصلاة، وهو سبب الصلاة، ومثل مانعية النجاسة للصلاة، فإنها، أي دلوك الشمس، ومانعية النجاسة، وما شاكلها، وإن كانت علامة للأحكام، فهي من الأحكام؛ لأن الله جـعـل زوال الشـمـس علامة على وجوب وجود الظهر، ووجود النجاسة علامة على بطلان الصلاة. ولا معنى لكون الزوال موجباً إلا طلب فعل الصلاة، ولا معنى لكون النجاسة مبطلة إلا طلب ترك النجاسة، وهكـذا، فـهـي في حقيقتها خطاب من الشارع.

وبذلك يكون تعريف الحكم الشرعي بأنه خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد جامعاً مانعاً:

  • فهو بقوله بالاقتضاء أو التخيير قد شمل الأحكام الخمسة وهي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح.
  • وبقوله بالوضع قد شمل ما كان سبباً، وما كان مانعاً، وما كان شرطاً، وما كان صحيحاً وباطلاً وفاسداً، وما كان رخصة وعزيمة.

وبناء على هذا التعريف، يكون خطاب الشارع قسمين:

  1. خطاب التكليف،
  2. وخطاب الوضع.