أصول الفقه الإسلاميإن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح، وحسن، وضعيف.

أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذاً، ولا معللاً. فهذا هو الحديث الذي يحكم بصحته بلا خلاف عند أهل الحديث؛ ولذلك لا يعتبر ما انقطع سنده من الحديث الصحيح، مثل المنقطع والمعضل. ولا يعتبر من الصحيح ما نقله مجهول الحال ظاهراً وباطناً، ولا مجهول العين، أو معروف بالضعف. ولا يعتبر من الصحيح ما نقله غير الحافظ المتيقظ، بأن نقله مغفل كثير الخطأ، ولا ما يرويه الثقة مخالفاً لرواية الناس؛ لأنه يكون حينئذ شاذاً، ولا ما فيه أسباب خفية قادحة؛ لأنه يكون حينئذ معللاً.

والأمر في معرفة الحديث الصحيح ينتهي إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم. والمراد هنا أئمة الحديث المشهورون. والصحيح هو ما وجد منصوصاً على صحته في أحد الصحيحين، أو في مصنف من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة. وأقسام الصحيح هي:

  1. صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعاً.
  2. صحيح انفرد به البخاري عن مسلم.
  3. صحيح انفرد به مسلم عن البخاري.
  4. صحيح على شرطهما لم يخرجاه.
  5. صحيح على شرط البخاري لم يخرجه.
  6. صحيح على شرط مسلم لم يخرجه.
  7. صحيح عند غيرهما، وليس على شرط واحد منهما.

هذه أمهات أقسام الصحيح. أعلاها الأول، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيراً «صحيح متفق عليه».

وأما الحديث الحسن فهو ما عرف مخرجه، واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء. وروي عن أبي عيسى الترمذي،رحمه الله، أنه يريد بالحسن أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون حديثاً شاذاً، وإنما سمي حسناً لحسن الظن بروايته. والحديث الحسن قسمان:

  • 1 - الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور ولم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث.
  • 2 - أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح؛ لكونه يقصر عنهم. والحديث الحسن يحتج به كالحديث الصحيح سواء بسواء، وما ورد من أحاديث في كتب الأئمة وتلاميذهم وغيرهم من العلماء والفقهاء يعتبر من الحديث الحسن، ويحتج به؛ لأنهم أوردوه دليلاً على حكم، أو استنبطوا منه حكماً، فهو حديث حسن، سواء ورد في كتب أصول الفقه أم الفقه، على شرط أن تكون كتباً معتبرة كالمبسوط، والأم، والمدونة الكبرى، وأمثالها، لا كمثل كتب الباجوري، والشنشوري، وأضرابهما. أما ما ورد من أحاديث في كتب التفسير فلا يلتفت إليه، ولا يحتج به، حتى لو كان المفسر إماماً مجتهداً؛ وذلك لأنه ورد لتفسير آية لا لاستنباط حكم، وهناك فرق بينهما، ولأن المفسرين عادة لا يهتمون بتدقيق الأحاديث التي يستشهدون بها؛ ولهذا لا تعتبر هذه الأحاديث لمجرد ورودها في التفسير، كما هي الحال في كتب الفقه التي للأئمة والعلماء، بل لا بد من البحث عن الحديث، ولو بطريق التقليد، بسؤال أهل الحديث، أو الرجوع إلى كتاب من كتب الحديث المعتبرة.

وأما الحديث الضعيف فهو كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح، ولا صفات الحديث الحسن المذكورة فيما تقدم، أي هو الذي لم تثبت وثاقة رواته، كلاً أو بعضاً، لجهالة في حالهم، أو لخدش فيهم في الصدق، ونحو ذلك مما يوجب نفي العدالة والوثاقة. والحديث الضعيف لا يحتج به، ولا يتخذ دليلاً على الأحكام الشرعية.