أحكام البينات ونظام العقوبات: آلية تنفيذ النظام في المجتمع، ومسئولية الدولة والفرد في الإسلام أن النظام إنما ينفذه: الفرد المؤمن بدافع تقوى الله ، وتنفذه الدولة بشعور الجماعة بعدالته ، وبتعاون الأمة مع الحاكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وبسلطان الدولة، وهذا لمن لم يتق الله، ولم ينته عن المنكر أو يأتمر بالمعوف، ولمن استباح حقوق الغير الخاصة والعامة فظلم وجار وبغى رغم العدل في الرعاية وفي الحكم وفي القضاء... فالعقوبات للزجر بعد البينة، القوي ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف قوي حتى يؤخذ الحق له، ولا حصانة لأحد أما القضاء... {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ما يحفظ الحياة والأمن {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} المزيد: الإسلام نظام حياة متميز


فقه الإسلام وأنظمته / أحكام البيات

لا يصح أن يشترط في الشاهد أن يكون مسلماً اشتراطاً مطلقاً. وكذلك لا يصح أن يطلق جواز شهادة غير المسلم إطلاقاً عاماً لأن ذلك يتعارض مع النصوص الشرعية.

فقد ورد جواز شهادة غير المسلم في الوصية في السفر كما جاء في آية: (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) وورد جواز شهادة غير المسلم في القتل كما يفهم من حديث بشير بن يسار في قتيل خيبر. وقد ورد اشتراط أن يكون الشاهد مسلماً في الأمور المالية كما جاء في آية: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) وورد اشتراط أن يكون الشاهد مسلماً في الطلاق والرجعة كما في آية: (فَأَمْسِكُوهنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ) وعليه لا يصح أن تجوز شهادة غير المسلم بشكل مطلق في جميع الحوادث. وعلى ذلك لا بد من التفصيل في شهادة غير المسلم والتقيد بالنصوص من الكتاب والسنة من غير أي تأويل.

إن إقامة الحد تترتب على حكم القضاء بعد ثبوت البينة الشرعية، والقضاء هو الإخبار بالحكم على وجه الإلزام، وهذا الإلزام يعني وجود قوة تُلزم الخصوم بالحكم، وهذه القوة هي السلطان، أي الحاكم الذي يقيم شرع الله ويلزم المسلمين بهذه الأحكام، فلا تنفذ الحدود إلا من الحاكم الذي يقيم شرع الله. وأما الأدلة على ذلك فهي ما يلي:

فقه أنظمة دولة الخلافة على منهاج النبوة

المرتد هو الراجع عن دين الإسلام . ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء وكان بالغاً عاقلاً دعي إلى الإسلام ثلاث مرات ، وضُيّق عليه ، فإن رجع وإلا قُتِل، قال الله تعالى : ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) وروى البخاري عن عكرمة قال : أٌتيَ أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بزنادقة فاحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " لا تعذبوا بعذاب الله ، ولقتلتهم، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ بدل دينه فاقتلوه ".

فقه أنظمة دولة الخلافة على منهاج النبوة

أهل البغي هم الذين خرجوا على الدولة الإسلامية ،  ولهم شوكة ومنعة ،  أي هم الذين شقوا عصا الطاعة على الدولة ،  وشهروا في وجهها السلاح ،  وأعلنوا حرباً عليها ،  ولا فرق في ذلك بين أن يخرجوا على خليفة عادل ،  أو خليفة ظالم ،  وسواء خرجوا على تأويل في الدين ،  أو أرادوا لأنفسهم دنيا ،  فانهم كلهم بغاة ما داموا شهروا السيف في وجه سلطان الإسلام .