طباعة
المجموعة: فقه القضاء (أحكام البيّنات ونظام العقوبات)

 

فقه الإسلام وأنظمته / فقه نظام العقوبات في الإسلام

 

الصحيح أنه يجوز أن يقتل القاتل بأي شيء يكون أكثر احساناً في القتل ، فالقتل بالسيف ليس شرطاً ، فيجوز أن يقتل بالسيف ، وبالشنق وباطلاق النار ، وبغير ذلك ، وليس هناك إلاّ شرط واحد ، وهو إحسان القتل ، أي أن يكون القتل بخير أداة تسهل عليه الموت . فقد أخرج مسلم عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إذا قتلتم فاحسنوا القِتْلة ، وإذا ذبحتم فاحسنوا الذِبْحة " فالمطلوب هو إحسان القتل ، ولم يصح نص بآلة معينة للقتل . وأما حديث : " لا قود إلاّ بالسيف " فإن جميع الطرق التي روي بها ضعيفة ، حتى قيل إنه حديث منكر ، فلا يصح أن يكون دليلاً .

 

مدة تنفيذ الحكم

 

أما متى يتم استيفاء القتل ، فإن الأفضل أن لا يبادر بتنفيذ الحكم فوراً ، بل يمهل المدة التي يجري فيها اليأس من عفو أهل الدم ، لأنهم مخيرون بين القتل والدية والعفو ، فلا بد أن يعطوا مدّة يختارون فيها ، لا سيما وأن الشارع قد حض على العفو ، فالله تعالى يقول : { فمن عُفِيَ له من أخيه شيء } أي من عفا له أخوه في الدين من أولياء الدم ، عن شيء من حقهم في القصاص ، ولو واحداً إن تعددوا ، وجب اتباعه ، وسقط القصاص ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " مَنْ قُتِل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعفو وإما أن يَقتُل " وعن أنس قال : " ما رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر فيه القصاص إلاّ أمر فيه بالعفو " . فلأجل أن يكون أمام أهل الدم مجال للعفو ، أو لأخذ الدية فإن الأولى أن يؤخر تنفيذ الحكم مدّة ينتهي بها الأمر إلى حال معينة من القتل ، أو أخذ الدية ، أو العفو .

 

المخيرون في القتل

أما مَنْ هم الذين يخيرون بين القتل والدية والعفو فهم ورثة القتيل ، فالمستحق للدم هم جميع ورثة القتيل ، من غير فرق بين الذكر والأنثى ، والسبب والنسب فيكون القصاص لهم جميعاً ، ولا يكون للعاقلة ، لأنّ القتل العمد تجب الدِيَة في مال القاتل ، ولا تجب على العاقلة ، ولأنّ دِيَة القتيل هي لورثته ، وليست للعاقلة ، ومِنْ هنا كان العفو للورثة ، فأي واحد منهم عفا فقد سقط القصاص