القذف هو الرمي بالزنا ، وقذف المؤمنات الغافلات المحصنات هو المحرّم ، وإلا فمن قذف زانية وأتى بشهداء فليس كذلك . والقذف المحرّم قد حُرِّم بالكتاب والسنة:
أما الكتاب فقال الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون } وقال سبحانه : { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم }،
وأما السنة فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات ".
وكلمة المحصنات هنا في الآيتين والحديث : العفائف جمع عفيفة . وكلمة المحصنات في القرآن جاءت بأربعة معان : أحدها العفائف ، هنا في الآيتين ، والثاني بمعنى المتزوجات ، كقوله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } وقوله تعالى : { محصنات غير مسافحات } والثالث بمعنى الحرائر مقابل الإماء ، كقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات } وقوله تعالى : { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } وقوله تعالى : { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } والمعنى الرابع بمعنى الإسلام كقوله تعالى : { فإذا أحصن } قال ابن مسعود إحصانها إسلامها . فكلمة المحصنات من الألفاظ المشتركة ككلمة عين تطلق على عدة معان ، والمراد هنا معنى واحد منها وهو العفائف .
ومن قذف مسلمة محصنة جُلِد الحدّ ثمانين جلدة ، على أن يكون القاذف مكلَّفاً مختاراً ، وأن تكون المحصنة قد جمعت شرائط الإحصان . وشرائط الإحصان الذي يجب الحدّ بقذف صاحبته خمسة : العقل ، والحرية ، والاسلام ، والعفة عن الزنا ، وأن تكون كبيرة يجامع مثلها .
ويعتبر لإقامة الحدّ بعد تمام القذف بشروطه الخمسة شرط واحد أساسي ، وهو : أن لا يأتي القاذف ببينة على قذفه ، لقول الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } فيشترط في جلدهم عدم البينة ، وكذلك يشترط عدم الاقرار من المقذوف لأنّه في معنى البينة . فإن كان القاذف زوجاً اعتبر شرط آخر وهو امتناعه عن اللعان ، أما إن امتنعت الزوجة عن اللعان فترجم .