مقال

تعصف بأهل اليمن أزمات سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها من الأزمات كنتيجة لعدم تطبيق الإسلام والاحتكام إليه لحل المشكلات، في الوقت الذي يتلقف فيه حكام وسياسيو اليمن حلولاً مستوردةً ومفروضةً من الغرب والذي لا يهمه سوى مصالحه في ظل الصراع الدولي على اليمن وخيراته.

فها هي اليمن تعاني من أزمة المشتقات النفطية حيث تعتزم الحكومة رفع الدعم عن تلك المشتقات، وإذا بالحكومة تصطنع الأزمات في هذه المشتقات لترويض الناس للقبول بالجرعة التي يفرضها البنك الدولي وصندوقه بإصلاحاته القذرة، بل إن بعض الأقلام في الإعلام المأجور تنشر أن الرئيس هادي قد أقر الجرعة برفع أسعار المشتقات، وذلك لجس نبض الشارع، ولترويضه للقبول بذلك فيما ينفي الرئيس هادي صحة تلك الأخبار مع العلم أن ذلك يحصل بإشارة منه وإلا لكان حساب تلك الأقلام وذاك الإعلام عسيراً خاصةً في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد.

إننا سنوضح بعجالة أهم أسباب أزمة المشتقات النفطية في اليمن، والتي لا يمكن حلها حلاً جذريا إلا بالإسلام في ظل دولة ترعى شؤون الناس، لا دولة جابية لا تقدر للإنسان قيمته التي أعطاها له خالقه سبحانه.

إن أهم هذه الأسباب هي:

1. الصراع الدولي وخاصةً الإنجلو أمريكي على ثروات اليمن وأهمها النفط والغاز حيث يتم الصراع بأدوات محلية من السياسيين المتنفذين في البلاد، وقد سبق وصرح سياسيون أن الصراع صراع على النفط منهم سالم صالح محمد عضو مجلس الرئاسة السابق في اليمن في حوار له في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في عددها 12820.

2. إن النظام الرأسمالي لم يعتبر الثروة ملكية عامة، بل اعتبرها ملكاً للدولة وبالتالي اعتبر الناس زبائن وليسوا شركاء في الثروة، واعتمد البيع والشراء للمشتقات بدلا من التوزيع العادل كما أمر الله لهذه المشتقات أو بيعها بسعر الكلفة فقط حيث هي من الملكيات العامة، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار ... »

3. اعتمد النظامُ السعرَ الدولي للمشتقات النفطية بالدولار بدلا من الحساب الصحيح، وهو حساب التكاليف بالعملة المحلية وبيعها بسعر الكلفة حسب السوق المحلية وليس حسب الأسعار الدولية، لأن النفط من اليمن والتكرير في اليمن.

4. أضاف النظام ضرائب السيارات إلى كل (دبة) جالون بنزين، وكذا أضاف تكاليف النقل التي تنقل المشتقات بناقلات المتنفذين، والتي تضاف إلى كل لتر، وهذا يسبب الغلاء على الناس.

5. عدم وجود مصافي تكرير كافية لتغطية السوق المحلية، فمصافي عدن أنشأتها بريطانيا سنة 1954م، وهي الآن متهالكة، حيث كانت تكرر 180,000 برميل والآن تكرر 80,000 برميل فقط، ومشروع صيانتها متوقف منذ سنوات طويلة، فمن يقف وراء ذلك؟!

6. مصفاة مأرب أنشأتها شركة هنت الأمريكية لتغطية احتياجاتها الخاصة ولا تكرر إلا 10000 برميل والآن تكرر 7500 برميل فقط، ومشروع توسعتها متوقف منذ سنوات طويلة أيضا، فمن يقف وراء ذلك؟

7. عدم إنشاء مصافٍ جديدة، وفشل مشروعي مصفاة رأس عيسى ومصفاة حضرموت.

8. مصافي عدن ومأرب لا تغطي إلا 60% من السوق، والباقي يستورد من الخارج، وهذا يكلف ملايين الدولارات والتي تذهب إلى الخارج، مما يسبب خروج العملة الصعبة من البلاد، ويساهم في تدهور الاقتصاد، ومبالغ الاستيراد هذه لم يستطع النظام الحاكم تغطيتها رغم أنه يستلم مبالغ البيع من الناس، فأين تذهب هذه الأموال التي يدفعها الناس؟!

9. عدم وجود خطة توزيع صحيحة، والتلاعب من قبل أصحاب محطات التوزيع بالمشتقات، مع وجود تواطؤ من النظام الحاكم، رغم أنه يرى التهريب والبيع في السوق السوداء وفي وسط المدن الرئيسية بل ربما في العاصمة!!

10. تهريب المشتقات النفطية إلى خارج البلاد، وكان تقرير مجلس النواب يقول: "إن المخأ تعطى حصة من الديزل ما يعادل خمس محافظات، رغم عدم وجود مصانع في ميناء المخأ"، والمخأ هو ميناء التهريب بعلم جميع الجهات!!

11. استخدام شركات النفط العاملة في الاستكشاف والإنتاج لملايين اللترات من الديزل، رغم أن باستطاعتها استخدام الغاز كوقود بديل، فمثلا قطاع 14 (شركة كنديان نكسن) في المسيلة تستهلك بـ (355) مليون دولار ديزل، وقطاع 10 (شركة توتال) تحرق الغاز إلى الجو، فلو تم عمل مشروع لاستخدام الغاز من قطاع 10 إلى قطاع 14، سوف يكلف المشروع 50 مليون دولار، وسوف يتم توفير 305 مليون دولار، وفي الوقت نفسه يتم توفير الديزل للناس؟!

12. عدم وجود هيبة للدولة التي تمنع تكرار الاعتداءات على أنابيب النفط وعدم التعرض لناقلاته بسوء من قبل بعض الأفراد المتنفذين سواء أكانوا مشايخ أم غيرهم، بل إن الدولة تفاوضهم وتعطي لهم الأموال مما يشجع الناس على مثل تلك الأفعال.

13. سعي الدولة لخصخصة تلك المشتقات ومصافيها للتهرب من المسئولية مما يجعل الصراع قائماً بين المتنفذين الذين يأتمرون بأمر تلك الدول المتصارعة على اليمن وثرواته.

هذه هي أهم الأسباب لأزمة المشتقات النفطية والتي لن تحل حلا صحيحا وتوزع توزيعا عادلا بحيث يُمكّن كل فرد من حيازتها إلا بنظام الإسلام الذي حدد أنواع الملكيات وكيفية حيازتها وتوزيعها بما يحقق الرفاهية للمجتمع ولكل فرد من أفراده، والذي لن يطبق تطبيقا صحيحا إلا بدولة الخلافة الراشدة الثانية التي ندعوكم يا أهل اليمن للعمل لإقامتها؛ فاعملوا لتحقيق ذلك الفرض العظيم، لتخرجوا من ضنك العيش ومرارته على الرغم من أن بلادكم بلاد الثروات ويكفي أن احتياطي الغاز في اليمن يقدر بـ 18 تريليون قدم مكعب!

(﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾)