من النظام الاقتصادي في الإسلام... في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة

 

الخراج هو حق أوصل الله المسلمين إليه من الكفار، وهو حق يوضع على رقبة الأرض التي غُنمت من الكفار حرباً أو صلحاً، إذا كان الصلح على أن الأرض لنا ويقرون عليها مقابل خراج يؤدونه.

والخراج في لغة العرب للكراء والغلة، وكل أرض أُخذت من الكفار عنوة بعد إعلان الحرب عليهم تعتبر أرضاً خراجية، وإذا أسلموا بعد الفتح تبقى أرضهم خراجية.

فقد روى أبو عبيد في الأموال عن الزهري قال: «قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس البحرين،» قال الزهري "فمن أسلم منهم قبل إسلامه وأحرز له إسلامه نفسه وماله إلا الأرض فإنها فيء للمسلمين من أجل أنه لم يسلم أول مرة وهو في منعة "؛ أي وهم في مَنَعة من المسلمين.

 

قدر الخراج

أمّا قدرُ الخراج الذي يُضرب على الأرض فيعتبر بما تحتمله الأرض، فإن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حين وضع الخراج راعى ما تحتمله الأرض من غير حيْف بمالِك ولا إجحاف بزارع، فقد ضرب في بعض نواحيه على كل جريب قفيزاً ودرهماً، وضرب على ناحية أخرى غيرها غير هذا القدر، وعمل في نواحي الشام غير هذا، فعُلم أنه راعى في كل أرض ما تحتمله، فإذا تقرر الخراج بما احتملته الأرض فإنه يحصله على الوجه الذي وضعها عليه،

  1. فإنْ وضع الخراج على مساحة الأرض سنوياً حصَّل الخراج عند نهاية السنّة الهلالية لأنها السنّة المعتبرة شرعاً،
  2. وإن جُعل الخراج على مساحة الزرع حُصّل الخراج كل سنة عند نهاية السنّة الشمسية لأنها السنّة التي تكون عليها الأمطار ويُزرع الزرع.
  3. وإنْ وَضَعها مقاسمة أي قدّر نسبة معينة مما تنتجه عادة حُصّل الخراج عند كمال الزرع وتصفيته.

وللإمام أن يقدِّر الخراج مراعياً أصلح الأمور في هذه الأوجه الثلاثة، إما على مساحة الأرض أو مساحة الزرع أو تقدير مقدار الناتج.

 

التغير في الانتاج والتقدير

  1. وإذا حَصَلت تحسينات في الأرض فنَتج عن هذه التحسينات زيادة في الإنتاج، أو طرأ على الأرض عوامل أنقصت الإنتاج يُنظر:
  2. فإن كانت هذه الزيادة من فعل الزرّاع كأن حفروا بئراً أو أوصلوا قناة ماء لا يزاد عليهم شيء،
  3. وإن كان النقص بفعلهم كهدمهم القناة أو إهمالهم البئر لا يُنقص عنهم شيء ويؤمرون بإصلاح ما خرّبوه.
  4. وإن كانت الزيادة أو النقص من الدولة كأن حفرت لهم هي بئراً أو أهملت إصلاح الآبار والقنوات فإن لها أن تزيد الخراج في حالة زيادة الإنتاج، وعليها أن تنقصه في حالة نقصان الإنتاج.
  5. أمّا إن حصلت الزيادة والنقص بعوامل طبيعية كأن اقتلعت الزوابع الأشجار أو جرف السيل الأقنية، فإنه يوضع على الأرض قدرَ ما تحتمل حتى لا يُظلم أهلها.

مدة التقدير

والخراج يقدّر لمدة معلومة ولا يقدر دائمياً، ويتغير هذا التقدير عند انتهاء المدة بما تحتمله الأرض عند التقدير للمدة الجديدة.