طباعة
المجموعة: فقه النظام الاقتصادي

الشركة في اللغة خلط النصيبيْن فصاعداً بحيث لا يتميز الواحد عن الآخر. والشركة شرعاً هي عقد بين اثنين فأكثر يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح. وعقد الشركة يقتضي وجود الإيجاب والقبول فيه معاً كسائر العقود.

 والإيجاب أن يقول أحدهما للآخر: شاركتك في كذا، والقبول أن يقول الآخر: قبلت. إلاّ أنه ليس اللفظ المذكور بلازم بل المعنى، أي لا بد أن يتحقق في الإيجاب والقبول معنىً يفيد أن أحدهما خاطَب الآخر، مشافهة أو كتابة، بالشركة على شيء والآخر يقبل ذلك. فالاتفاق على مجرد الاشتراك لا يعتبر عقداً، والاتفاق على دفع المال للاشتراك لا يعتبر عقداً، بل لا بد أن يتضمن العقد معنى المشاركة على شيء.

وشرط صحة عقد الشركة أن يكون المعقود عليه تصرفاً، وأن يكون هذا التصرف المعقود عليه عقد الشركة قابلاً للوكالة ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركاً بينهما.

 والشركة جائزة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم بُعث والناس يتعاملون بها فأقرهم الرسول عليها فكان إقراره عليه السلام لتعامل الناس بها دليلاً شرعياً على جوازها. وروى البخاري من طريق سليمان بن أبي مسلم أنه قال: سألت أبا المنهال عن الصرف يدا بيد فقال: اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئه فجاءنا البراء بن عازب فسألناه فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال:(ما كان يدا بيد  فخذوه وما كان نسيئه فردوه) فهو يدل على أن الشركة كان المسلمون يتعاملون بها وأقرهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عليها وروى أبو داوود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله يقول:{ أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما}.

وتجوز الشركة بين المسلمين مع بعضهم وبين الذميين مع بعضهم وبين المسلمين والذميين، فيصح أن يشارك المسلم النصراني والمجوسي وغيرهم من الذميين. روى مسلم عن عبد الله بن عمر، قال:{ عامل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يهود بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع}. { واشترى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يهودي طعاما ورهنه درعه} رواه البخاري من طريق عائشة.وروى الترمذي عن  ابن عباس قال: { توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودرعه مرهونة بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله} وروى الترمذي عن عائشة :{ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسل إلى يهودي يطلب منه ثوبين إلى الميسرة}.ولهذا فإن شراكة اليهود والنصارى وغيرهم من الذميين جائزة لأن معاملتهم جائزة. إلاّ أن الذميين لا يجوز لهم بيع الخمر والخنزير وهم في شركة مع المسلم، أمّا ما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركتهم المسلم فثمنه حلال في الشركة.

ولا تصح الشركة إلاّ من جائز التصرف لأنها عقد على التصرف في المال فلم يصح من غير جائز التصرف في المال، ولذلك لا تجوز شركة المحجور عليه ولا شركة كل من لا يجوز تصرفه.

والشركة إما شركة أملاك أو شركة عقود.

إبطال الشركة

الشركة من العقود الجائزة شرعاً وتبطل بما يلي:

  1. الموت أو الجنون أو الحجر لسفه: فإن مات أحد الشريكين وله وارث رشيد فله أن يقيم على الشركة ويَأذن له الشريك في التصرف، وله المطالبة بالقسمة.
  2. الفسخ من أحدهما،إذا كانت الشركة مكونة من اثنين، وإذا طلب أحد الشريكين الفسخ وجب على الشريك الآخر إجابة طلبه. وإذا كانوا شركاء وطلب أحدهم فسخ الشراكة ورضي الباقون ببقائها فُسخت الشركة التي كانت قائمة وجُددت بين الباقين. إلاّ أنه يفرَّق في الفسخ بين شركة المضاربة وغيرها، ففي شركة المضاربة إذا طلب العامل البيع وطلب صاحب المال القسمة، أُجيب طلب العامل لأن حقه في الربح ولا يظهر الربح إلاّ في البيع. أمّا في باقي أنواع الشركة إذا طلب أحدهما القسمة والآخر البيع أُجيب طلب القسمة دون طلب البيع.

 

 الإقتصاد في دستور دولة الخلافة على منهاج النبوة

 إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net