أوجب الشرع على الدولة توفير المال اللازم للحياة الكريمة لكل فرد من أفراد رعيتها في حالة عجزة عن كسب هذا المال فعلا أو حكما.  وبذلك تجعل الشريعة الإسلامية الحاجة للمال لأجل الحياة من أسباب التملك.

  فالمال عصب الحياة، ووسيلة من وسائل الحياة الكريمة، ويسعي الإنسان لكسبه وانفاقه على حاجاته وحاجات من يعول. إلا أنه قد يحدث طاري على حياة الإنسان يحول بينه وبين القدرة على الحصول المال اللازم للحياة الكريمة ففي هذه الحاله ومثيلاتها، اوجب الشرع الاسلامي على الدولة توفير المال لأصحاب هذه الحاجات.

وذلك لأن العيش حق لكل إنسان فيجب أن ينال هذا العيش حقاً لا مِنحةً ولا عطفاً. والسبب الذي يضمن للفرد من رعايا دولة الخلافة الحصول على قُوتِه هو العمل. فإذا تعذر عليه العمل كان على الدولة أن تهيئه له لأنها الراعي لهذه الرعية، والمسؤولة عن توفير حاجاتها، قال عليه الصلاة والسلام: { الإمام الذي عن الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته}، رواه البخاري عن ابن عمر.

فإذا تعذر إيجاد عمل له أو عجز عن القيام بالعمل لمرض أو كِبَر سن أو لأي سبب من أسباب العجز كان عيشه واجباً على من أوجب عليه الشرع الإنفاق عليه، فإن لم يوجَد من تجب عليه نفقته، أو وُجد وكان غير قادر على الإنفاق، كانت نفقته على بيت المال، أي على الدولة.

وفوق ذلك كان له في بيت المال حق آخر وهو الزكاة، قال تعالى: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم}. وهذا الحق فرضٌ على الأغنياء أن يدفعوه، قال تعالى في آية: {إنّما الصدقات للفقراء والمساكين} من سورة التوبة {فريضة من الله} أي حقاً مفروضاً.

وإن قصّرت الدولة في ذلك وقصّرت جماعة المسلمين في محاسبتها وفي كفالة المحتاجين، وليس متوقعاً في جماعة المسلمين أن تقصّر، كان لهذا الفرد أن يأخذ ما يقيم به أَوَدَه من أي مكان يجده سواء أكان ملك الأفراد أم ملك الدولة.

وفي هذه الحال لا يباح للجائع أن يأكل لحم الميتة ما دام هنالك أكلٌ عند أحد من الناس، لأنه لا يُعدّ مضطراً لأكل الميتة مع وجود ما يأكله في يد أي إنسان. أمّا إذا لم يستطع الحصول على الأكل فإن عليه أن يأكل لحم الميتة لإنقاذ حياته.

ولمّا كان العيش سبباً من أسباب الحصول على المال لم يعتبِر الشارع أخذ الطعام في عام المجاعة سرقة تُقطع اليد عليها، عن ابي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لا قطعٌ في زمن المجاع}، وكما ضمن الشرع حق الفرد في ملكية المال لأجل الحياة بالتشريع ضَمِنَ إعطاءه هذا الحق بالتوجيه، روى الإمام أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: { أيّما أهل عَرَصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى}، وروى البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به}.

 الإقتصاد في دستور دولة الخلافة على منهاج النبوة

إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net