فقه أنظمة دولة الخلافة على منهاج النبوة

 من أنوع العمل المساقاة حيث أن من الناس من يملك الأرض والشجر، ولكن لايستطيع سقيها والعناية بها، إما لعدم معرفته، أو لانشغاله. ومنهم مَن يملك القدرة على العمل لكنه لايملك شجر ولا أرض، فجاء الحكم الشرعي بأباحة المساقاة، وفي ذلك عمارة للأرض، وتنمية للثروة، وتشغيلا للايدي العاملة التي تملك القدرة على العمل ولا تملك المال والشجر.

ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة بلدة خيبر، وقسم أراضيها ومزارعها بين الغانمين، وكانوا مشتغلين عن الحراثة والزراعة بالجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الله تعالى، وكان يهود خيبر أبصر منهم بأمور الفلاحة أيضاً، لطول معاناتهم وخبرتهم فيها، لهذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم أهلها السابقين على زراعة الأرض وسقْي الشجر، ويكون لهم النصف، مما يخرج من ثمرها ، مقابل عملهم ونفقتهم، وللمسلمين النصف الآخر، لكونهم أصحاب الأصل.

والمساقاة هي أن يدفع الشخص شجره إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء معلوم له من ثمره. وإنما سميت مساقاة لأنها مفاعلة من السقي، لأن أهل الحجاز أكثر حاجة شجرهم إلى السقي لأنهم يستقون من الآبار فسُميت بذلك. والمساقاة هي من الأعمال التي نص الشرع على جوازها، فقد روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {عامَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع}.

ما تجوز فيه المساقاة

وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكَرْم بجزء معلوم يُجعل للعامل من الثمر، وهذا في الشجر الذي له ثمر فقط، أمّا ما لا ثمر له من الشجر كالصفصاف، أو له ثمر غير مقصود كالصنوبر والأرز فلا تجوز المساقاة عليه لأن المساقاة إنّما تكون بجزء من الثمرة وهذا لا ثمرة مقصودة له. إلاّ أن يكون مما يقصد ورقه كالتوت والورد فإنه تجوز فيه المساقاة لأنه في معنى الثمر لأنه نماء يتكرر كل عام، ويمكن أخذه والمساقاة عليه بجزء منه فيثبت له مثل حكمه.

إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net