طباعة
المجموعة: فقه النظام الاقتصادي

تقدير الأجرة في النظام الاقتصادي في دولة الخلافة وفق الأحكام الشرعيةربط الرأسماليون أجرة الأجير بالوضع الاقتصادي وليس بالمنفعة، وحجتهم بأن الواقع ينطق بذلك بدليل أن أجرة الأجراء تختلف باختلاف البلد واختلاف الوضع الاقتصادي فيه. ويعطون العامل الأجر الذي

يكفي ما يحتاج إليه العامل من أسباب المعيشة عند أدنى حدها، ويزيدون هذا الأجر إذا زادت تكاليف المعيشة عند أدنى حدها، وينقصونه إذا نقصت. وعلى ذلك فأجر العامل يقدَّر عندهم بحسب تكاليف المعيشة بغض النظر عن المنفعة التي أداها جهده للفرد والمجتمع.

ولذلك فما يأخذه العمال في أوروبا وأمريكا من البلدان الرأسمالية ما هو إلا تعديل للنظام الرأسمالي في إعطاء العامل حقوقاً تزيد عمّا له وعما تعطيه حرية الملكية، ومع ذلك فإنه بالرغم من هذا التعديل لا يزال ما يأخذه العامل هو مقدار أدنى حد من العيش الذي يستطيع أن يعيش به في مستوى لا يتضجر، وليس هو مقدار ما ينتِج من الصناعة. على أن رفع مستوى المعيشة في المجتمع في أوروبا وأمريكا يجعل أدنى حد يأخذه ممكِّناً له من أن يكون ظاهراً بالمظهر الطيب، ولكنه لا يأخذ مقدار ما ينتجه.

فتقدير أجر العامل في أوروبا وأمريكا وإن كان لا يجعل العامل فقيراً نسبيا، ويجعله مشبِعاً حاجاته الأساسية وبعض حاجاته الكمالية، ولكنه إذا قيس في مستوى معيشة الجماعة التي يعيش بينها هو يكون في مستوى منخفض نسبياً. وعلى أي حال فإنه بالرغم من رفع مستوى معيشة العمال في أوروبا وأمريكا فإن تقدير الأجر هناك وفي كل البلدان الرأسمالية لا يزال هو بمقدار أدنى حد من العيش بالنسبة لمجتمعه.

وعلى أي حال فإنه ما دام التقدير هو بما يحتاج إليه العمال من وسائل المعيشة عند أدنى حدها، فإنه سيترتب على ذلك أن يظل العمال محدودي الملكية بحدود ما يحتاجونه لسد حاجاتهم عند أدنى حدها بالنسبة للجماعة التي يعيشون بينها. سواء أكانت معيشتهم لسد حاجاتهم الأساسية فقط كما هي حال العمال في البلاد الإسلامية، أم لسد حاجاتهم الأساسية والكمالية كما هي حال العمال في أوروبا وأمريكا، فإن العامل فيها جميعها محدود الملكية بحدود أدنى حد لمعيشته بالنسبة للجماعة التي يعيش بينها مهما اختلف مستوى المعيشة ارتفاعاً وانخفاضاً. وما دام التقدير هو بما يحتاج إليه العامل من أسباب المعيشة عند أدنى حدها.

إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net