طباعة
المجموعة: فقه النظام الاقتصادي

إن هناك تناسق وتناسب بين الجهد المبذول في العمل وبين الوظيفة، بأعتبار أن جهد العمل ( منفعة العمل ). ولكل عمل لا بد من جهد لإنجازه وهذا الجهد المبذول من قبل الأجير إما أن يكون جهد بدني أو عقلي ، وتأجير الأجير هو للإستفادة من منفعة جهده، وعليها يتم العقد وتحدد الأجرة. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".

{ ولا تبخسوا الناس أشياءهم} الأحور تعتمد على ما في الجهد من منفعة وإتقان / من النظام الاقتصادي في الإسلام، في دولة الخلاف على منهاج النبوةويقع العقد في إجارة الأجير على منفعة الجهد الذي يبذله، وتقدر الأجرة بالمنفعة، أمّا الجهد نفسه فليس هو مقياس الأجر ولا مقياس المنفعة، وإلا لكان أجر الحجار أكثر من أجر المهندس، لأن جهده أكثر مع أن العكس هو الواقع، وعليه فإن الأجر هو بدل المنفعة وليس بدل لجهد.

وكما يختلف الأجر ويتفاوت باختلاف الأعمال المتعددة فإنه يتفاوت كذلك الأجر في العمل الواحد بتفاوت إتقان المنفعة لا بتفاوت الجهد، والعقد في كلتا الحالتين وقع على منفعة الأجير لا على جهد الأجير، فالعبرة بالمنفعة، سواء أكانت منافع أجراء مختلفين في أعمال متعددة أم منافع أجراء مختلفين في العمل الواحد، ولا اعتبار للجهد مطلقاً.

نعم، إن المنفعة في الأعمال إنّما هي ثمرة الجهد سواء أكان في الأعمال المختلفة أم في العمل الواحد من الأشخاص المتعددين، ولكن المراد منها هو المنفعة لا مجرد بذل الجهد، وإن كان يلاحظ الجهد، وإذا استأجر رجلاً للبناء لا بد من تقدير الاستئجار بالزمن أو العمل، فإن قدّره بالعمل فظاهر فيه المنفعة في بيان موضعه وطوله وعرضه وسمكه ومادة البناء ..إلخ، وإن قدّره بالزمن فالمنفعة فيه تزيد بكثرة المدة وتنقص بقلتها عادة، فكان وصف العمل وذِكر الزمن مقياساً للمنفعة، وإذا قدر بالزمن فلا يعمل أكثر من طاقته العادية، ولا يُلزم بالمشقة غير العادية.

وعليه فوجب:

  1. على أرباب العمل أن ينصفوا العاملين فيؤدي لهم الأجر الذي يعادل منفعة أعمالهم،
  2. وعلى العاملين تحري الأعمال ذات المنفعة الأكبر، كما وجب عليهم تحري الإتقان في أعمالهم، ما يوجب لهم الأجر الأفضل.
  3. وعلى الدولة تحري المنافع المطلوبة، وتوجيه العاملين إلى الأعمال ذات المنفعة الأكبر، كما وجب عليها الحيلولة دون إبخاس العالمين حقهم من الأجر الذي يعدل ما يقدموه من منافع وإتقان!