أجر العامل أو الأجير  هو أهم التزام ألقته الأحكام الشرعية على عاتق صاحب العمل . يقول الحق سبحانه وتعالى: { أَهُم يَقْسِمُون رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} وهو عوض المشقة أو منفعة الجهد المبدول.

ويشترط أن يكون مال الإجارة معلوما بالمشاهدة والوصف الرافع للجهالة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا استأجر أحدكم أجيراً فليُعلِمه أجره}.

وعِوَض الإجارة جائز أن يكون نقداً وجائز أن يكون غير نقد، وجائز أن يكون مالاً وجائز أن يكون منفعة، وكل ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون عِوَضاً، سواء أكان عيناً أو منفعة، على شرط أن يكون معلوماً، أمّا لو كان مجهولاً فلا يصح، فلو استأجر الحاصد بجزء غير معلوم من الزرع لم يصح للجهالة، بخلاف ما لو استأجره بصاع واحد أو مُدّ صحّ، ويجوز أن يستأجر الأجير بطعامه وكسوته أو يجعل له أجراً مع طعامه وكسوته، لأن ذلك جائز في المرضعة، قال تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}، فجعل لهن النفقة والكسوة على الرضاع، وإذا جاز في المرضعة جاز في غيرها، لأنه كله إجارة، فهي مسألة من مسائل الإجارة.

والحاصل أنه يجب:

  1. أن تكون الأجرة معلومة علماً ينفي الجهالة حتى يتمكن من استيفائها من غير منازعة، لأن الأصل في العقود كلها أن تنفي المنازعات بين الناس،
  2. ولا بد من الاتفاق على الأجرة قبل البدء في العمل، ويُكره استعمال الأجير قبل أن يتفق معه على الأجرة،
  3. وإن وقعت الإجارة على عمل استحق العامل الأجرة بالعقد، لكن لا يجب تسليمها إلاّ بعد العمل، فيجب حينئذ تسليمها فوراً، لقوله عليه الصلاة والسلام:في الحديث القدسي {ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فأستوفى منه ولم يعطه أجره }، رواه البخاري عن أبي هريرة.
  4. أمّا إذا اشترط تأجيل الأجر فهو إلى أجله، وإن شرطه منجَّماً يوماً يوماً أو شهراً شهراً أو أقل من ذلك أو أكثر فهو على ما اتفقا عليه،
  5. ولا ضرورة لأن يستوفي المستأجر المنفعة بالفعل، بل يكفي تمكينه من الانتفاع لأن يجعل الأجرة مستحقة عليه، فلو استأجر أجيراً خاصاً ليخدمه في بيته وجاء إلى البيت ووضع نفسه تحت تصرفه استحق الأجر بمضي المدة التي يمكن الانتفاع فيها من الأجير، لأنه وإن كان العقد على المنفعة ولم يستوفها بالفعل، ولكن تمكينه من استيفائها وعدم مباشرته لاستيفاء المنفعة كافٍ لاستحقاق الأجرة، لأن التقصير جاء من جهة المستأجِر لا من جهة الأجير،
  6. أمّا الأجير المشترك أو الأجير العام فإنه إذا استؤجر على عمل معين في عين فلا يخلو إما أن يوقعه وهو في يد الأجير كالصباغ يصبغ في حانوته والخياط في دكانه، فلا يُبرأ من العمل حتى يسلمها للمستأجر، ولا يستحق الأجر حتى يسلمه مفروغاً منه، لأن المعقود عليه في يده فلا يُبرأ منه ما لم يسلمه إلى العاقد،
  7. وأمّا إن كان يوقع العمل في ملك المستأجر –مثل أن يحضره المستأجر إلى داره ليخيط فيها أو يصبغ فيها- فإنه يُبرأ من العمل ويستحق أجره بمجرد عمله، لأنه في يد المستأجر فيصير مسلّماً للعمل حالاً فحالاً.