طباعة
المجموعة: فقه النظام الاقتصادي

  إن الإجارة من العقود الشرعية الجائزة وهي تمليك المنافع بالعوض. ودين الإسلام قد حمى حقوق الأجير وصانها أكمل صيانة ،فأمر بالوفاء بما تم عليه التعاقد بين الأجير والمستأجر فقد قال تعالى { يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود}.

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقودولاشك أن جواز الإجارة يحقق مصالح للمؤجر وللمستأجر وكذلك للمجتمع ،حيث الحاجة ماسة إلى مشروعيتها. والناس محتاجون إلى المنافع كحاجتهم إلى الأعيان ،فالأجير محتاج إلى مال المستأجر وهو بدوره محتاج إلى عمل الأجير بل المسألة أشمل من الأجير والمستأجر ،وإن كانت الأحكام الشرعية تعالج المشاكل بصفتها مشاكل إنسان فالمجتمع بصورته عامة محتاج إلى تبادل بين الأموال والأعمال والمنافع ،التي تتحقق من خلال عقد الإجارة الذي حدد نوع العمل ومدته وأجرته والجهد الذي يبذل فيه.

فالحاصل إن الإجارة هي الانتفاع بمنافع الشيء المؤجَّر. وهي بالنسبة للأجير الانتفاع بجهده. ولا بد في عقد إجارة الأجير من:

  1. تحديد نوع العمل، فلا بد من بيان نوع العمل حتى لا يكون مجهولاً، لأن الإجارة على المجهول فاسدة،
  2. وتحديد المدة، فقد تكون مدة العمل مياومة أو مشاهرة أو مسانهة،
  3. وتحديد الأجر:  عن ابن مسعود قال: قال عليه الصلاة والسلام: {إذا استأجر أحدكم أجيراً فليُعلِمهُ أجره}، ورد في كنز العمال عن الدار قطني
  4. وتحديد الجهد. فلا يكلَّف العمال من العمل إلاّ ما يطيقون، قال الله تعالى: {لا يكلِّفُ الله نفساً إلاّ وُسعَها}، وقال عليه الصلاة والسلام: {إذا أمرتُكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم}،رواه الشيخان من طريق أبي هريرة، فلا يجوز أن يُطلب من العامل أن يبذل جهداً إلاّ بقدر طاقته المعتادة. وبما أن الجهد لا يمكن ضبطه بمعيار حقيقي كان تحديد ساعات العمل هو أقرب ميزان لضبطه في اليوم الواحد، فتُحدد ساعات العمل ضبطاً للجهد، ويحدد معها نوع العمل كحفر أرض صلبة أو رخوة وطرق حديد أو قطع حجارة أو سوْق سيارة أو عمل في منجم، فإنه يبيّن مقدار الجهد أيضاً.

  وبذلك يكون العمل قد حُدّد في نوعه ومدته وأجرته والجهد الذي يبذل فيه. وعلى هذا فإن الشرع حين أباح استخدام العامل احتاط في تحديد عمله نوعاً ومدةً وأجرةً وجهداً، وهذا الأجر الذي يأخذه الأجير عِوَض قيامه بالعمل ملك له بالجهد الذي بذله.