إذا كان باب العمل من أبرز أبواب أسباب التملك ،فالإجارة من أبرز فصول باب العمل فتعددت مواضعه وتنوعت بحيث تمنع المنازعة واستغلال أصحاب العمل للعمال كما هو سائد في هذه الايام جراء هيمنة النظام الرأسمالي الجشع ، وكذلك بينت الأعمال التي تجوز الإجارة عليها ومدة العمل وكما أوجبت تحديد أجرة الأجير حتى يتمكن من استيفائها ، والحاصل أن الشرع الاسلامي يعني بالأجير كل إنسان يعمل بأجرة ، سواء أكان المستأجر فردا أم جماعة ،أم دولة . فالأجير يشمل العامل في أي نوع من أنواع العمل دون تفريق في الحكم الشرعي بين أجير الدولة وأجير غيرها .

 فالإسلام أجاز للفرد أن يستأجر أجراء أي عمالاً يعملون له، قال تعالى: {أهُم يَقسمون رحمة ربك فنحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سُخرِيّا}، وروى ابن شهاب فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: {استأجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل هادياً خريتاً وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحتيهما صبح ثلاث}. وقال الله تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن}، وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال عليه الصلاة والسلام: {قال الله عزّ وجلّ ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره}.

والإجارة هي تمليك من الأجير للمستأجر منفعة، وتمليك من المستأجر للأجير مالاً، فهي عقد على المنفعة بعِوَض. والعقد في إجارة الأجير إما أن يَرِد على منفعة العمل الذي يقوم به الأجير وإما أن يَرِد على منفعة الأجير نفسه.

فإذا ورد العقد على منفعة العمل كان المعقود عليه هو المنفعة التي تحصل من العمل كاستئجار أرباب الحرف والصنائع لأعمال معينة كاستئجار الصباغ والحداد والنجار. وإن ورد العقد على منفعة الشخص كان المعقود عليه هو منفعة الشخص كاستئجار الخَدَمة والعمال.

وهذا الأجير إما أن يعمل للفرد فقط مدة معلومة كمن يشتغل في معمل أو بستان أو مزرعة لأحد الناس بأجرة معينة، أو كموظفي الحكومة في جميع مصالحها، وإما أن يعمل عملاً معيناً لجميع الناس بأجرة معينة عما يعمل كالنجار والخياط والحذّاء ومن شاكلهم، والأول هو الأجير الخاص، والثاني هو الأجير المشترك أو الأجير العام.