لقد جاءت الشرعية الاسلامية لتحقيق مصالح العباد وهدايتهم إلى الطريق المستقيم ، ونظمت المعاملات المالية تنظيما دقيقا في أبواب الفقه الاسلامي وتضمنت هذه المعاملات العقود التي تنظم العلاقة بين الناس بصفة عامة ومنها الاقتصادية والمالية بما يحول دون الوقوع في الخصومات.

ولايخفى بأن الحاجة ماسة وداعية للسمسرة في هذه الايام لأن بعض الناس لايحسن البيع ولا الشراء أو لديه مال ولا يحسن التجارة فيه . فسبحان الله الذي أباح السمسرة دفعا للحاجة وتحقيقا للمصلحة .

فالسمسرة نوع من أنواع الأعمال التي يُملَك بها المال شرعاً، والسمسار اسم لمن يعمل للغير بالأجر بيعاً وشراء، وهو يصدق أيضاً على الدلال فإنه يعمل للغير بالأجر بيعاً وشراء.

فقد روى أبو داوود عن  قيس بن أبي غرزة الكناني قال: كنا في عهد رسول الله  نسمى السماسرة فمر بنا رسول الله  فسمانا باسم هو أحسم منه فقال:{يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة}، ومعناه أنه يبالغ في وصف سلعته حتى يتكلم بما هو لغو وقد يجازف في الحلف لترويج سلعته فيُندَب إلى الصدقة ليمحو أثر ذلك. ولا بد من أن يكون العمل الذي استؤجر عليه للبيع والشراء معلوماً إما بالسلعة وإما بالمدة. فإذا استأجره ليبيع له أو ليشتري له الدار الفلانية أو المتاع الفلاني صح، وكذلك إذا استأجره ليبيع له أو ليشتري له يوماً إلى الليل صح، وأمّا إذا استأجره لعمل مجهول فهو فاسد.

وليس من السمسرة ما يفعله بعض الأجراء وهو أن يرسل التاجر رسولاً عنه ليشتري له بضاعة من آخر فيعطيه الآخر مالاً مقابل شرائه من عنده فلا يحسبها من الثمن بل يأخذها له باعتبارها سمسرة من التاجر، وهو ما يسمى عندهم القومسيون، فهذا لا يعتبر سمسرة لأن الشخص وكيل عن التاجر الذي يشتري له، فما ينقص من الثمن هو للمشتري وليس للرسول، ولذلك يحرم عليه أخذه بل هو للمرسِل الذي أرسله، إلاّ أن يسامِح به المرسِل فيجوز، وكذلك لو أرسل خادمه أو صديقه ليشتري له شيئاً وأعطاه البائع مالاً أي قومسيوناً مقابل شرائه من عنده فإنه لا يجوز له أخذه لأنه ليس سمسرة وإنما هو سرقة من مال الشخص المرسِل إذ هو للمرسِل وليس للرسول المشتري عن المرسِل.