طباعة
المجموعة: فقه النظام الاقتصادي

 من أبرز معالم الدين الاسلامي أنه دين يجمع بين الاهتمام بعمارة الأرض وطلب الجنة ، وأن منهج الاسلام يحفز على استصلاح الارض وإحيائها ، ولم يكتف الاسلام برصد الثواب الأخروي فقط وإنما تعداه ــ لأنه من لدن حكيم خبير عليم بطبائع النفس الانسانية ــ فأعطى الشرع لمن يحي أرضا مواتا حق تملكها ، مادام جادا في إحيائها . فقد روى سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أحيا أرضا ميتة فهي له).

وإحياء الموات هو النوع الأول من أنواع العمل المشروعة التي جعلها الشارع سببا لتملك المال .

 المَوات هو الأرض التي لا مالك لها ولا ينتفع بها أحد. وإحياؤها هو زراعتها أو تشجيرها أو البناء عليها، وبعبارة أخرى هو استعمالها في أي نوع من أنواع الاستعمال الذي يفيد الإحياء. وإحياء الشخص الأرض يجعلها ملكاً له، قال عليه الصلاة والسلام: {من أحيا أرضاً ميتةً فهي له}،رواه البخاري عن عمروقال: {من أحاط حائطاً على أرض فهي له}،رواه أحمد وقال: {من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له}.رواه الطبراني في الكبير.

ولا فرق في ذلك بين المسلم والذمّيّ لإطلاق الأحاديث ولأن ما يأخذه الذمي من بطون الأودية والآجام ورؤوس الجبال ملكه ولا يجوز انتزاعه منه، فالأرض المَوات أولى أن تكون ملكه.

وهذا عام في كل أرض سواء أكانت دار إسلام أم دار حرب، وسواء أكانت أرضا عشرية أم خراجية.

إلاّ أن شرط التملك أن يستثمر الأرض خلال مدة ثلاث سنين من وضع يده عليها، وأن يستمر هذا الإحياء باستغلالها. فإذا لم يستثمرها خلال مدة ثلاث سنوات من تاريخ وضع يده عليها أو أهملها بعد ذلك مدة ثلاث سنوات متتالية سقط حق ملكيته لها، روى أبو يوسف في كتاب الخراج، عن سعيد بن المسيب قال عمر بن الخطاب: {وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين}.وورد في سنن البيهقي عن عمرو بن شعيب أن عمر جعل التحجر ثلاث سنين فإن تركها حتى يمضي ثلاثة سنين فأحياه غيره فهو أحق بها وقد قاله عمر وعمل به على مرأى ومسمع من الصحابة ولم ينكروا ليه فكان إجماعا.