الملكية الفردية هي حكم شرعي مقدَّر بالعين أو المنفعة، يقتضي تمكين مَن يضاف إليه من انتفاعه بالشيء وأخذ العِوَض عنه، وذلك كملكية الإنسان للرغيف والدار، فإنه يمكنه بملكيته للرغيف أن يأكله وأن يبيعه ويأخذ ثمنه، ويمكنه بملكيته للدار أن يسكنها وأن يبيعها ويأخذ ثمنها. فالرغيف والدار كل منهما عين، والحكم الشرعي المقدَّر فيهما هو إذن الشارع للإنسان بالانتفاع بهما استهلاكاً ومنفعة ومبادلة.

وهذا الإذن بالانتفاع يستوجب أن يتمكن المالك- وهو من أضيف إليه الإذن- مِن أكل الرغيف وسكنى الدار كما يتمكن من بيعها. فبالنسبة للرغيف، الحكم الشرعي مقدَّر بالعين وهو الإذن باستهلاكها، وبالنسبة للدار، الحكم الشرعي مقدَّر بالمنفعة وهو الإذن بسكناها. وعلى هذا تكون الملكية هي إذن الشارع بالانتفاع بالعين. وعلى ذلك فلا تثبت الملكية إلاّ بإثبات الشارع لها وتقريره لأسبابها. وإذن فالحق في ملكية العين ليس ناشئاً عن العين نفسها وعن طبيعتها، أي عن كونها نافعة أو غير نافعة، وإنما هو ناشئ عن إذن الشارع وعن جعْله السبب الذي يبيح الملك للعين منتجاً المسبَّب الذي هو تملكها شرعاً. ولهذا أذِن في تملك بعض الأعيان ومَنَع مِن تملك بعضها، وأذِن في بعض العقود ومَنَع بعضها، فمنع تملّك الخمر والخنزير للمسلم، كما منع تملّك مال الربا ومال القمار لأي واحد من رعية دولة الخلافة، وأذِن في البيع فأحلّه ومَنَع الربا فحرّمه، وأذِن في شركة العَنان، ومنع الجمعيات التعاونية وشركات المساهمة والتأمين.

والتملك المشروع له شروط، كما أن للتصرف في الملك قيوداً بحيث لا تخرج الملكية عن مصلحة الجماعة ومصلحة الفرد باعتباره جزءاً من الجماعة لا فرداً منفصلاً، وباعتباره إنساناً في مجتمع معين. والانتفاع بالعين المملوكة إنّما حصل بسلطان من الشارع، أي أن أصل الملكية للشارع وهو أعطاها للفرد بترتيب منه على السبب الشرعي، فهي تمليك من الشارع لفرد في الجماعة شيئاً خاصاً لم يكن ليحق له ملكه لولا هذا التمليك.

على أن الملكية للعين هي ملكية لذات العين وملكية لمنفعتها، وليست هي ملكية للمنفعة فقط، وإن المقصود الحقيقي من الملكية هو الانتفاع بالعين انتفاعاً معيناً بيّنه الشرع.

وعلى ضوء هذا التعريف للملكية الفردية يمكن أن يُفهم أن هناك أسباباً مشروعة للتملك، ويمكن أن يفهم:

  • أن هناك أحوالاً معينة للتصرف بهذه الملكية،
  • ويمكن أن يفهم أن هناك كيفية معينة للانتفاع بما يُملك،
  • ويمكن أن تُفهم الحوادث التي تُعتبر اعتداء على حق الملكية الفردية.

وهكذا يمكن أن يُفهم من التعريف المعنى الحقيقي للحيازة التي أباحها الشارع، ومعنى السعي لهذه الحيازة والانتفاع بما حازه، وبعبارة أخرى يدل التعريف على المعنى الحقيقي للملكية.