المنفعة هي صلاحية الشيء لإشباع حاجة الإنسان. فهي تتكون من أمرين: أحدهما مبلغ ما يشعر به الإنسان من الرغبة في الحصول على شيء معين. والثاني المزايا الكامنة في نفس الشيء وصلاحيتها لإشباع حاجة الإنسان، وليس حاجة فرد معين.

 وهذه المنفعة إما ناتجة عن جهد الإنسان أو عن المال أو عنهما معاً. وتشمل كلمة جهد الإنسان: الجهد الفكري والجهد الجسمي الذي يبذله لإيجاد مال أو منفعة مال. وتشمل كلمة المال كل ما يُتمَوَّل للانتفاع به بالشراء أو الإجارة أو الإعارة، إما باستهلاك عينه إفنائاً كالتفاحة، أو بعدم استهلاكها كالسيارة، وإما بالانتفاع به مع بقاء عينه كالمنخل إعارة، وكسكنى الدار التي في حيازة غيره إجارة. ويشمل المال النقد كالذهب والفضة، والسلع كالثياب والأغذية، والعقارات كالدور والمصانع، وغير ذلك مما يُتمَوَّل. وبما أن المال هو الذي يُشبِع حاجات الإنسان، وما جهد الإنسان إلاّ أداة للحصول على المال عيناً ومنفعة، لذلك كان المال هو أساس المنفعة. وأمّا جهد الإنسان فهو من الوسائل التي تمكِّن من الحصول على المال. ومن هنا كان الإنسان بفطرته يسعى للحصول على هذا المال ليحوزه. وعليه يكون جهد الإنسان والمال هما الأداة التي تستخدم لإشباع حاجات الإنسان، وهما الثروة التي يسعى الإنسان للحصول عليها ليحوزها. فالثروة هي مجموع المال والجهد.

وحيازة الأفراد للثروة تكون إما من أفراد آخرين كحيازة المال بالهبة، وإما من غير الأفراد كحيازة المال الخام مباشرة. وتكون إما حيازة للعين استهلاكاً وانتفاعاً كحيازة التفاحة وحيازة الدار ملكاً، وإما حيازة لمنفعة العين كاستئجار الدار، وإما حيازة للمنفعة الناتجة عن جهد الإنسان كخريطة دار من مهندس.

وهذه الحيازة بجميع ما تَصدُق عليه إما أن تكون بِعِوَض كالبيع وإجارة المال وإجارة الأجير، وإما بغير عِوَض كالهبة والإرث والعارية.

وعلى ذلك فالمشكلة الاقتصادية إنّما هي في حيازة الثروة وليست في إيجاد الثروة. وهي تأتي من النظرة إلى الحيازة أي الملكية، ومن سوء التصرف في هذه الملكية، ومن سوء توزيع الثروة بين الناس، ولا تأتي من غير ذلك مطلقاً، ولهذا كانت معالجة هذه الناحية هي أساس النظام الاقتصادي.

وعلى ذلك فالأساس الذي يُبنى عليه النظام الاقتصادي قائم على ثلاث قواعد هي: الملكية، والتصرف في الملكية، وتوزيع الثروة بين الناس.