النظام الإجتماعي هو النظام الذي يُبيِّن تنظيم اجتماع المرأة بالرجل والرجل بالمرأة، وينظم علاقة المرأة بالرجل والرجل بالمرأة الناشئة عن اجتماعهما، ويبيِّن كل ما يتفرع عن هذه العلاقة... وهذا هو تصنيف مواد هذا القِسم


لا يعني كون المرأة تثير غريزة النوع عند الرجل، وكون الرجل يثير غريزة النوع عند المرأة، أن هذه الإثارة أمر حتمي الوجود كلما وجد الرجل مع المرأة أو المرأة مع الرجل. بل يعني أن الأصل في كل منهما أن يثير وجوده مع الآخر هذه الغريزة، فتوجد عند وجود هذه الإثارة العلاقة الجنسية بينهما. ولكنهما قد يوجدان معاً ولا تثار هذه الغريزة. كما لو وجدا للتبادل التجاري، أو للقيام بعملية جراحية لمريض، أو لحضور دروس العلم، أو غير ذلك.

إذا ثارت الغريزة تطلبت إشباعاً، وإذا لم تثر لا تتطلب الإشباع. وإذا تطلبت الغريزة الإشباع دفعت الإنسان لتحقيقه لها، وإذا لم يحققه ينزعج ما دامت ثائرة. فإذا هدأت ذهب الانزعاج. ولا يترتب على عدم الإشباع الموت، ولا أي أذى جسماني، أو نفسي، أو عقلي. وإنما يقتصر الأذى على الألم والانزعاج، ومن هنا كان إشباع الغريزة ليس إشباعاً حتمياً كالحاجة العضوية وإنما هو إشباع لجلب الطمأنينة والارتياح.

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} وقال: { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } وقال: { قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}. فالله خاطب الإنسان بالتكاليف، وجعل الإنسان موضع الخطاب والتكليف. وأنزل الشرائع للإنسان ويبعث الله الإنسان، ويحاسب الإنسان، ويدخل الجنة والنار الإنسان، فجعل الإنسان لا الرجل ولا المرأة محل التكاليف.

يتجاوز الكثيرون من الناس فيطلقون على جميع أنظمة الحياة اسم (النظام الاجتماعي) وهذا إطلاق خاطئ. لأن أنظمة الحياة أولى أن يطلق عليها (أنظمة المجتمع) ، إذ هي في حقيقتها أنظمة المجتمع، لأنها تنظم العلاقات التي تقوم بين الناس الذين يعيشون في مجتمع معين، بغضّ النظر عن اجتماعهم أو تفرقهم. والاجتماع لا يلاحظ فيها وإنما تلاحظ العلاقات فحسب، ومن هنا كانت متعددة ومختلفة بحسب تعدد العلاقات واختلافها، وهي تشمل الاقتصاد، والحكم، والسياسة، والتعليم، والعقوبات، والمعاملات، والبيّنات وغير ذلك. فإطلاق (النظام الاجتماعي) عليها لا وجه له، ولا ينطبق عليها.