طباعة
المجموعة: فقه النظام الاجتماعي

فقه أنظمة دولة الخلافة على منهاج النبوة

بعد موضوع الزواج وأحكامه يستوجب بيان المحرمات نكاحهن من النساء. وقد ذكر تحريمهن صراحة في الكتاب والسنة بما لا يدع جالا للإجتهاد والتأويل. وتفصيل ذلك ما يلي:

 أما الكتاب فقول الله تعالى: { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} وقال: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}. وأما السنة فروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بينها وبين خالتها» متفق عليه. وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة».

  1. فيحرم نكاح الأمهات مطلقاً، وهن كل من انتسبت إليها بولادة، سواء وقع عليها اسم الأم حقيقة وهي التي ولدتك، أو مجازاً وهي التي ولدت من ولدك وإن علت. من ذلك جدتاك أم أمك وأم أبيك، وجدتا أمك وجدتا أبيك، وجدات جدتك وجدات أجدادك وإن علوا، وارثات كن أو غير وارثات كلهن أمهات محرمات.
  2. ويحرم نكاح البنات مطلقاً وهن كل أنثى انتسبت إليك بولادتك، كابنة الصلب، وبنات البنين والبنات وإن نزلت درجتهن، وارثات أو غير وارثات كلهن بنات محرمات.
  3. ويحرم نكاح الأخوات مطلقاً من الجهات الثلاث، من الأبوين، أو من الأب، أو من الأم.
  4. ويحرم نكاح العمات أخوات الأب من الجهات الثلاث، وأخوات الأجداد من قبل الأب ومن قبل الأم، قريباً كان الجد أو بعيداً، وارثاً أو غير وارث.
  5. ويحرم نكاح الخالات أخوات الأم من الجهات الثلاث، وأخوات الجدات وإن علون، لأن كل جدة أم فكذلك كل أخت لجدة خالة محرمة.
  6. ويحرم نكاح بنات الأخ، وكل امرأة انتسبت إلى أخ بولادة فهي بنت أخ محرمة، من أية جهة كان الأخ، وبنات الأخت كذلك أيضاً محرمات.
  7. ويحرم نكاح الأمهات المرضعات، وهن اللاتي أرضعنك، وأمهاتهن وجداتهن وإن علت درجتهن، على حسب ما ذُكِر في النسب. وكل امرأة أرضعتك أمها، أو أرضعتها أمك، أو أرضعتك وإياها امرأة واحدة، أو ارتضعت أنت وإياها من لبن رجل واحد، ولو تعددت المرضعة، فهي أختك محرمة عليك.
  8. ويحرم نكاح أمهات النساء، فمن تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع، قريبة أو بعيدة، بمجرد العقد، سواء دخل بها، أو لم يدخل لقوله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}.
  9. ويحرم نكاح بنات النساء اللاتي دخل بهن، وهن الربائب فلا يحرمن إلا بالدخول بأمهاتهن، وهن كل بنت للزوجة من نسب أو رضاع، قريبة أو بعيدة، وارثة أو غير وارثة على حسب ما ذكر في البنات، إذا دخل بالأم حرمت عليه سواء أكانت في حجرة أم لم تكن. لأن ذكر { اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ } وصف لها بغالب حالها، ولم تخرج مخرج الشرط، أما ذكر { مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} فإنها تخرج مخرج الشرط لصريح ما جاء بعدها { فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، ولذلك إن لم يدخل بالمرأة فلا يحرم نكاح بنتها.
  10. ويحرم نكاح أزواج الأبناء مطلقاً، أي يحرم على الرجل أزواج أبنائه، وأبناء بناته من نسب أو رضاع، قريباً كان أو بعيداً بمجرد العقد سواء دخل بها أم لم يدخل.
  11. ويحرم نكاح زوجات الأب، فتحرم على الرجل زوجة أبيه قريباً كان أو بعيداً، وارثاً أو غير وارث من نسب أو رضاع. فقد روى النسائي أن البراء بن عازب قال: «لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده، أن أضرب عنقه أو أقتله» أخرجه الحاكم.
  12.  ويحرم الجمع بين الأختين، سواء أكانتا من نسب أم رضاع، من أبوين كانتا أو من أب أو أم، سواء في هذا ما قبل الدخول أو بعده، فإن تزوجهما في عقد واحد فسد العقد.
  13. ويحرم الجمع بين المرأة وبين عمتها، وبين المرأة وبين خالتها. لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها» متفق عليه، وفي رواية أبي داود: «لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، لا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى» وأصله في الصحيحين.
  14. ويحرم نكاح ذوات الأزواج، وسمّاهن الله المحصنات لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج.
  15. ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حرمت من النسب حرم مثلها من الرضاع، وهن الأمهات والبنات، والأخوات والعمات والخالات، وبنات الأخ وبنات الأخت على الوجه المبين في تحريم النسب، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» متفق عليه، وفي رواية مسلم «الرضاع يحرّم ما تحرّم الولادة» ، وروت عائشة رضي الله عنها: «إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليّ بعدما أُنزل الحجاب، فقلت: والله لا آذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله، إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أخيه. قال: اذني له فإنه عمك تربت يمينك» متفق عليه، والمحرِّم في الرضاع إنما هو اللبن، فصاحب اللبن الذي رضعه الشخص يصبح حراماً هو ومن رضع منه، سواء أكان صاحب اللبن رجلاً أو امرأة وسواء أكان من رضع منه ابناً لمن ارضعه، أو لم يكن ابناً له، ومن هنا يحل للشخص أخت أخيه من الرضاع، ولا يحل له أخوه من الرضاع، ولا أخته من الرضاع، فلو كان رضع من امرأة شخص فإن هذه المرأة أصبحت أمه من الرضاع، وزوجها أبوه من الرضاع، وأولادهما أخوته من الرضاع، ولكن أخوات الشخص الذي رضع ليس أخوة لأخواته من الرضاع، فيجوز لهم أن يتزوجوا أخوات أخيهن من الرضاع. فالمحرِّم هو اللبن ليس غير.

هؤلاء هن النساء اللاتي يحرم نكاحهن، وما عدا ذلك فلا يحرم نكاحهن لقوله تعالى: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } إلا ما سبق بيان تحريمه من المشركات والمتزوجات.

 

إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net