طباعة
المجموعة: فقه الحكم ولإدارة

يكون للدولة ألوية ورايات وذلك استنباطاً مما كان في الدولة الإسلامية الأولى التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة. وذلك على النحو التالي:

 1- اللواء، والراية، من حيث اللغة، فإنه يطلَق على كلٍّ منهما (العلم). جاء في القاموس المحيط في مادة (رَوِيَ): (... والراية العلم ج رايات...). وفي مادة (لَوِيَ): (... واللواء بالمد العلم ج ألوية...).

ثم إن الشرع أعطى كلاًّ منهما، من حيث الاستعمال، معنىً شرعياً على النحو التالي:

ولذلك فاللواء يُعقد لأمير الجيش، والرايات مع باقي الجيش، فرقه وكتائبه ووحداته. وهكذا فإن اللواء واحد في الجيش الواحد، وأما الرايات فكثيرة في كل جيش.

ويكون بذلك، اللواء علماً على أمير الجيش لا غير. وتكون الرايات أعلاماً مع الجند.

2- اللواء يعقد لأمير الجيش، وهو علم على مقرِّه، أي يلازم مقر أمير الجيش. أما في المعركة، فإن قائد المعركة، سواء أكان أمير الجيش أم قائداً غيره يعينه أمير الجيش، فإنه يُعطى الراية يحملها أثناء القتال في الميدان، ولذلك تسمى (أم الحرب) لأنها تحمل مع قائد المعركة في الميدان.

ولذلك فإنه في حالة الحرب القائمة تكون راية واحدة مع كل قائد معركة، وهذا كان أمراً متعارفاً عليه في ذاك الزمن، وكان بقاء الراية مرفوعةً دليلاً على قوة بأس المعركة. وهو تنظيم إداري يُلتزم حسب أعراف قتال الجيوش.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتي الجند بالخبر: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب».

وكذلك فإنه في حالة الحرب القائمة، إذا كان قائد الجيش في الميدان هو للخليفة نفسه، فإن اللواء يجوز أن يكون مرفوعاً في المعركة، وليس الراية فحسب. فقد ورد في سيرة ابن هشام عند الحديث عن غزوة بدر الكبرى أن اللواء والراية كانتا موجودتين في المعركة.

أما في السِّلم، أو بعد انتهاء المعركة، فإن الرايات تكون منتشرةً في الجيش ترفعها فرق الجيش وكتائبه وسراياه ووحداته... كما جاء في حديث الحارث بن حسان البكري عن جيش عمرو بن العاص.

3- الخليفة هو قائد الجيش في الإسلام؛ ولذلك يرفع اللواء على مقره، دار الخلافة ( شرعاً) لأن اللواء يعقد لأمير الجيش، ويجوز رفع الراية كذلك على دار الخلافة (إدارةً) على اعتبار أن الخليفة رأس مؤسسات الدولة.

أما باقي أجهزة الدولة ومؤسساتها وإداراتها فترفع عليها الراية فقط دون اللواء؛ لأن اللواء خاص بقائد الجيش علامةً على محله.

4- اللواء يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، ويعطى لقائد الجيش حسب عدد الجيوش، فيعقد لقائد الجيش الأول والثاني والثالث... أو لقائد جيش الشام والعراق وفلسطين... أو لقائد جيش حلب وحمص وبيروت... وهكذا حسب تسمية الجيوش.

والأصل أن يلوى على طرف الرمح ولا ينشر إلا لحاجة، فمثلاً فوق دار الخلافة ينشر لأهمية الدار، وكذلك فوق مقرات قادة الجيوش في حالة السلم لترى الأمة عظمة ألوية جيوشها. لكن هذه الحاجة إذا تعارضت مع الناحية الأمنية كأن يُخشى أن يتعرف العدو على مقرات قادة الجند، فإن اللواء يرجع إلى الأصل وهو أن لا ينشر ويبقى ملوياً.

وأما الراية فهي تـترك لتصفقها الريح كالأعلام في الوقت الحالي؛ ولذلك توضع على دوائر الدولة.

والخلاصة:

أولاً: بالنسبة للجيش

  1. في حالة الحرب القائمة، فإن اللواء يلازم مقر أمير الجيش، والأصل أن لا ينشر بل يبقى ملوياً على الرمح، ويمكن نشره بعد دراسة الناحية الأمنية. وتكون هناك راية يحملها قائد المعركة في الميدان، وإذا كان الخليفة في الميدان فيجوز حمل اللواء كذلك.
  2. في حالة السلم، فإن اللواء، يعقد لقادة الجيوش، ويلوى على الرمح، ويمكن نشره على مقرات قادة الجيوش. وتكون الرايات منتشرةً في الجيش مع الفرق والكتائب والسرايا والوحدات والتشكيلات الأخرى، ويمكن أن تكون لكل فرقة أو كتيبة ... راية خاصة تميزها (إدارةً) وترفع مع الراية.

ثانياً: بالنسبة لدوائر الدولة ومؤسساتها ودوائرها الأمنية، فإنه ترفع عليها كلها الراية فقط، باستثناء دار الخلافة فيرفع عليها اللواء على اعتبار الخليفة قائد الجيش، ويجوز أن ترفع مع اللواء الراية (إدارةً) لأن دار الخلافة هي رأس مؤسسات الدولة. والمؤسسات الخاصة والناس العاديون كذلك يمكن أن يحملوا الراية ويرفعوها على مؤسساتهم وبيوتهم، وبخاصة في مناسبات الأعياد والنصر ونحوها.