القضاء بين الناس والحكم بينهم بالعدل منصب شريف، ومقام رفيع، لما فيه من النفع الكبير للامة الاسلامية والإحسان لها، وإقامته الحق والعدل والإنصاف. ولهذا تولاه الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام، كما تولاه في الاسلام رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، و خلفاؤه الراشدون من بعده.

 القضاء من أجهزة دوة الخلافة على منهاج النبوة { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا}ويفصل في كل قضية قاضي واحد. فلا يجوز أن تتألف المحكمة إلا من قاض واحد، له صلاحية الفصل في القضاء، ويجوز أن يكون معه قاض آخر أو أكثر، ولكن ليست لهم صلاحية الحكم، وإنما لهم صلاحية المشاورة وإعطاء الرأي، ورأيهم غير ملزم له.

وذلك أن:

  1. الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يُعيّن للقضية الواحدة قاضيين، وإنما عَيَّن قاضياً واحداً للقضية الواحدة،
  2. وأيضاً فإن القضاء هو الإخبار بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام، والحكم الشرعي في حق المسلم لا يتعدد، فهو حكم الله، وحكم الله واحد. صحيح قد يتعدد فهمه، ولكنه في حق المسلم من حيث العمل به واحد، ولا يتعدد مطلقاً. والقاضي حين يُخبر بالحكم الشرعي في القضية على سبيل الإلزام، يجب أن يكون هذا الإخبار واحداً، لأنه في حقيقته عمل بحكم الله، وحكم الله في حالة العمل به لا يتعدد، وإن تعدد فَهمُه. ولهذا لا يصح أن يكون القاضي متعدداً للقضية الواحدة، أي في المحكمة الواحدة.
  3. أما بالنسبة للبلد الواحد في جميع القضايا، ولكن في محكمتين منفصلتين لمكان واحد، فإنه يجوز؛ لأن القضاء استنابة من الخليفة، فهو كالوكالة يجوز فيها التعدد، وكذلك جاز تعدد القضاة في المكان الواحد.
  4. وعند تجاذب الخصوم بين قاضيين في مكان واحد يرجح جانب المدعي، ويكون النظر للقاضي الذي يطلبه؛ لأنه طالب الحق، وهو أرجح من المطلوب منه.  

القضاء في دستور دولة الخلافة على منهاج النبوة