طباعة
المجموعة: فقه الحكم ولإدارة

للخليفة، عندما يشعر بدنو أجله قبيل خلو منصب الخلافة بفترة مناسبة، أن يعيِّن أميراً مؤقتاً لتولي أمر المسلمين خلال فترة إجراءات تنصيب الخليفة الجديد، ويباشر عمله بعد وفاة الخليفة، ويكون عمله الأساس هو الفراغ من تنصيب الخليفة الجديد خلال ثلاثة أيام.

 أما صلاحياته فلا يجوز للأمير المؤقت أن يتبنى الأحكام؛ لأن هذه من صلاحية الخليفة الذي تبايعه الأمة. وكذلك ليس له أن يترشح للخلافة أو يسند المرشحين؛ لأن عمر رضي الله عنه عيّنه من غير من رشحهم للخلافة. وأما مدة ولايته فتنتهي ولايته هذا الأمير بتنصيب الخليفة الجديد؛ لأن مهمته مؤقتة بهذه المهمة.

والدليل هو إجماع الصحابة على رضي الله عنهم، وذلك بنعيين عمر رضي الله عنه صهيبا رضي الله عنه أميراً مؤقتا.

والدليل على أن عمر رضي الله عنه عين صهيباً رضي الله عنه أميراً مؤقتاً هو قول عمر رضي الله عنه للمرشحين الستة «وليصلِّ بكم صهيب هذه الأيام الثلاثة التي تتشاورون فيها» ثم قال لصهيب: «صل بالناس ثلاثة أيام، إلى أن قال: فإن اجتمع خمسة، ورضوا رجلاً، وأبى واحد، فاشدخ رأسه بالسيف...» وهذا يعني أن صهيباً عيَّن أميراً عليهم، فهو قد عين أميراً للصلاة، وإمارة الصلاة كانت تعني إمارة الناس، ولأنه أعطى صلاحية العقوبة (فاشدخ رأسه)، ولا يقوم بالقتل إلا الأمير.

وقد تم هذا الأمر على ملأ من الصحابة دون منكر؛ فكان إجماعاً بأن للخليفة أن يعين أميراً مؤقتاً يتولى إجراءات تنصيب الخليفة الجديد. كما أنه يجوز بناءً على هذا أن يتبنى الخليفة مادة خلال حياته، تنص على أن الخليفة، إذا توفي ولم يعين أميراً مؤقتاً لإجراءات تنصيب الخليفة الجديد، أن يكون أحد الأشخاص أميراً مؤقتاً.

ونحن نتبنى هنا أن يكون الأمير المؤقت، إن لم يعينه الخليفة في مرض موته، يكون أكبر المعاونين سناً، إلا إذا ترشح فيكون التالي له عُمْراً من المعاونين، وهكذا، ثم يتلوهم وزراء التنفيذ بالكيفية السابقة.

وينطبق هذا في حالة عزل الخليفة، فإنَّ الأمير المؤقت يكون أكبر المعاونين سناً إن لم يترشح، فإن ترشح فمن يليه إلى أن يفرغوا، ثم أكبر وزراء التنفيذ سناً، وهكذا. فإن أرادوا الترشيح كلهم فيلزم الأصغر من وزراء التنفيذ بالإمارة المؤقتة.

وينطبق هذا كذلك في حالة وقوع الخليفة في الأسر مع بعض التفاصيل المتعلقة بصلاحيات الأمير المؤقت عند كون الخليفة مأمول الخلاص وعند كونه غير مأمول الخلاص. وسينظم هذه الصلاحيات قانون يصدر في حينه.

وهذا الأمير يختلف عن من ينيبه الخليفة مكانه عند خروجه للجهاد أو في سفر، كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان يخرج للجهاد، أو عند حجة الوداع، أو نحو ذلك، فإن من ينيبه في هذه الحالة يكون بالصلاحيات التي يحددها الخليفة له في رعاية الشؤون التي تقتضيها تلك الإنابة.