طباعة
المجموعة: أصول الفقه الإسلامي

أصول الفقه الإسلامي // لا يتصور التعارض بين أفعال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم   لأن التعارض بين الأمرين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما صاحبه. وهذا التعارض بين فعلين من أفعال الرسول، بحيث يكون أحدهما ناسخاً للآخر، أو مخصصاً له، لا يتصور وقوعه بين أفعاله  صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنه إن لم تتناقض أحكامها فلا تعارض، وإن تناقضت فكذلك أيضاً؛ لأنه يجوز أن يكون الفعل في وقت واجباً، وفي مثل ذلك الوقت بخلافه، من غير أن يكون مبطلاً لحكم الأول؛ لأنه لا عموم للأفعال بخلاف الأقوال.

نعم، إذا كان مع الفعل الأول قول مقتض لوجوب تكراره، فإن الفعل الثاني قد يكون ناسخاً أو مخصصاً لذلك القول لا للفعل، فلا يتصور التعارض بين الفعلين أصلاً.

أما سبب عدم تصور التعارض؛ فذلك لأن الفعلين المتعارضين إما من قبيل المتماثلين، كفعل صلاة الظهر مثلاً في وقتين متماثلين أو في وقتين مختلفين، وإما من قبيل المختلفين.

أما الفعلان المتماثلان فظاهر فيهما عدم التعارض، وذلك كصلاة الظهر في وقتين.

وأما الفعلان المختلفان، فإن كانا من الجائز اجتماعهما كالصلاة والصوم، فكذلك ظاهر عدم التعارض. وإن كانا مما لا يتصور اجتماعهما، وكانت لا تتناقض أحكامهما كصلاة الظهر والعصر مثلاً، فإنه أيضاً لا تعارض بينهما لإمكان الجمع، فيمكن الجمع بين الصلاة والصوم، ويمكن الجمع بين صلاة الظهر وصلاة العصر. وإن كانا مما لا يتصور اجتماعهما، وكانت تتناقض أحكامهما، كالصوم في يوم معين والإفطار في آخر، فكذلك لا تعارض بينهما؛ لاجتماع الوجوب في وقت، والجواز في وقت آخر، أي يمكن أن يكون الفعل في وقت واجباً، أو مندوباً، أو جائزاً، وفي وقت آخر بخلافه، ولا يكون أحدهما رافعاً ولا مبطلاً لحكم الآخر، إذ لا عموم للفعلين، ولا لأحدهما.