دستور دولة الخلافة ... على منهاج النبوة ... خير دولة لخير أمة ... رحمة للعالمين، المادة 90: لمحكمة المظالم حق عزل أي حاكم أو موظف في الدولة، كما لها حق عزل الخليفة، وذلك إذا اقتضت إزالة المظلمة هذا العزل.

 هذه المادة تبين صلاحية محكمة المظالم من ناحية عزل الحكام، فالحاكم قد عين بعقد تعيين ويقال له عقد التقليد، ذلك أن الخليفة له حق الولاية وهو الحكم، وله حق التقليد وهو التعيين، والتقليد عقد لا يكون إلا بألفاظ صريحة، فعزل الحاكم الذي يقلده الخليفة هو فسخ لذلك العقد، والخليفة يملكه قطعاً لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قلد الولاة وعزلهم، ولأن الخلفاء الراشدين قلدوا الولاة وعزلوهم، وكذلك للخليفة أن ينيب عنه من قلدهم حق التقليد والعزل. غير أن محكمة المظالم لا تملك حق عزل الحكام نيابة عن الخليفة، لأنها ليست نائبة عنه في التقليد والعزل بل هي نائبة عنه في النظر في المظالم. فإذا كان وجود هذا الحاكم في ولايته مظلمة كان لها حق إزالة هذه المظلمة، أي كان لها حق عزل ذلك الحاكم، فصلاحيتها في عزل الحكام ليست نيابة عن الخليفة وإنما هي إزالة المظلمة، ولذلك يعزل من تحكم بعزله ولو لم يرض الخليفة؛ لأن عزله في هذه الحال حكم بإزالة مظلمة وهو يسري على الجميع، على الخليفة وغيره، فحكم القاضي حكم على الجميع. وأما صلاحيتها في عزل الخليفة فإنه كذلك حكم بإزالة مظلمة، لأنه إذا حصلت للخليفة حالة من الحالات التي يعزل فيها، أو حالة من الحالات التي يجب عزله فيها، فإن بقاءه يكون مظلمة، ومحكمة المظالم هي التي تحكم بإزالة المظالم، فهي التي تحكم بعزله. ومن هنا كان حكم محكمة المظالم بعزل الخليفة إنما هو حكم بإزالة مظلمة، فإذا اقتضت إزالة المظلمة عزل الخليفة حكمت بعزله.