طباعة
المجموعة: نظام الحكم 16-23

 المادة 21:   للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصول للحكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية. ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص. ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام. 

المادة 21:   للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصول للحكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية. ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص. ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام.

 ودليلها قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} ووجه الاستدلال بهذه الآية على إقامة أحزاب سياسية هو أن الله تعالى قد أمر المسلمين بأن تكون منهم جماعة تقوم بالدعوة إلى الخير، أي الدعوة إلى الإسـلام، وتقوم كذلك بالأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} أمر بإيجاد جماعة متكتلة تكتلاً يوجد لها وصف الجماعة من بين جماعة المسلمين. إذ قال: "مِنْكُمْ". فالمراد بقوله: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ" لتكن جماعة من المسلمين، لا أن يكون المسلمون جماعة، أي لتكن من المسلمين أمة وليس معناه ليكون المسلمون أمة. لأن «من» في الآية للتبعيض وليست لبيان الجنس، وضابطها أن يصلح مكانها لفظ «بعض» فنقول: (وليكن بعضكم أمةً) في حين لا يصلح وضع لفظ «بعض» في الآية ) {وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ} [النور 55] فلا نقول (وعد الله الذين آمنوا بعضكم) ولذلك هي هنا لبيان الجنس أي لا يُقصَر الوعد على جيل الصحابة رضوان الله عليهم بل الوعد لكل الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وعليه فما دامت «من» في الآية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} للتبعيض فإن هذا يعني أمرين:

هذا من جهة كون إقامة جماعة تقوم بهذين العملين المذكورين في الآية فرضاً على المسلمين يأثم المسلمون جميعاً إذا لم توجد هذه الجماعة.

أما كون هذه الجماعة الوارد إقامتها في الآية حزباً سياسياً فإن الدليل عليه أمران:

وعلى هذا فإن الآية قد أمر الله بها بإقامة أحزاب سياسية تقوم بحمل الدعوة الإسلامية، وبمحاسبة الحكام بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وبأمر سائر الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا هو وجه الاستدلال في هذه الآية على أنها دليل المادة.

تعدد الأحزاب في الدولة والأمة

ولا يقال أن الآية تقول "أمة" أي حزباً واحداً، وهذا يعني عدم تعدد الأحزاب. لا يقال ذلك لأن الآية لم تقل، أمة واحدة، فلم تقل جماعة واحدة وإنما قالت أمة بصيغة التنكير من غير أي وصف. فهو يعني أن إقامة جماعة فرض فإذا قامت جماعة واحدة حصل الفرض، ولكنه لا يمنع من إقامة جماعات متعددة أي كتل متعددة. فقيام واحد بفرض الكفاية الذي يكفي فيه واحد أن يقوم به لا يمنع غيره أن يقوم بهذا الفرض. وجماعة هنا اسم جنس يعـني أي جماعة فيطلق ويراد منه الجنس وليس الفرد الواحد قال تعـالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ }[آل عمران 159] والمراد منه الجنس. ونظير ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ» أخرجه مسلم من طريق أبي سعيد الخدري، فليس المراد منكراً واحداً بل جنس المنكر، ومثل ذلك كثير. فيطلب فعل الجنس وينهى عن فعل الجنس، ولا يراد به الفرد الواحد، بل يراد به الجنس. فيصدق على الفرد الواحد من الجنس، ويصدق على أفراد عدة من ذلك الجنس.

فيجوز أن يوجد في الأمة حزب واحد، ويجوز أن يوجـد أحـزاب عـدة. ولكن إذا وجد حزب واحد فقد حصل فرض الكفاية إذا كان هذا الحزب قد قام بالعمل المطلوب في الآية ولكن لا يمنع من إنشاء أحزاب أخرى. فإن إقامة الحزب السياسي فرض كفاية على المسلمين فإذا قام حزب واحد وأراد آخرون أن يوجدوا حزباً ثانياً ليقوموا بذلك الفرض فلا يجوز أن يمنعوا، لأنه منع من القيام بفرض وهو حرام، ولذلك لا يجوز المنع من إقامة أحزاب عدة سياسية. إلا أن ذلك في الأحزاب الإسلامية التي تقوم على ما نصت عليه الآية وهو الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما في ذلك أمر الحكام بالمعروف ونهيهم عن المنكر ومحاسبتهم. أما غيرها فينظر فيها فإن كانت للقيام بمحرم كالدعوة إلى القومية، وكنشر الأفكار غير الإسلامية أو ما شابه ذلك كان القيام بهذه التكتلات حراماً، وتمنع من قبل الدولة، ويعاقب كل من يشترك فيها، وإن لم تكن للقيام بمحرم بأن كانت للقيام بمباح وقائمة على أساس مباح كانت مباحة، ولكنها لا تكون قياماً بالفرض الذي فرضه الله بنص هذه الآية إلا إذا كان حزباً سياسياً مستوفياً جميع ما جاء في الآية.

الترخيص

ولما كان القيام بالفرض لا يحتاج إلى إذن الحاكم، بل إن جعل القيام بالفرض متوقفاً على إذن الحاكم حرام، لهذا كان قيام الأحزاب السياسية وإنشاؤها لا يحتاج إلى ترخيص.