طباعة
المجموعة: النظام الاقتصادي 123-169

المادة 137: تتحقق الملكية العامة في ثلاثة أشياء هي:
 أ   - كل ما هو من مرافق الجماعة كساحات البلد.
ب - المعادن التي لا تنقطع كمنابع البترول.
جـ - الأشياء التي طبيعتها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها كالأنهار.

دليلها هو دليل المادة التاسعة والعشرين ومائة السابقة، فالفقرة (جـ) منها دليلها إقرار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الناس على اشتراكهم في ملكية الطريق العام وقوله عليه الصلاة والسلام: «مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» أخرجه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها وقال حسن صحيح، وابن خزيمة في صحيحه، أي منى، وهي المكان المعروف بالحجاز، ملك لجميع الناس. فمن سبق إلى مكان وأناخ فيه فهو له.
وأما الفقرة (ب) فدليلها ما روي عن عمرو بن يحيى بن قيس المازني عن أبيه عن أبيض بن حمال قال: «اسْتَقْطَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَعْدِنَ المِلْحِ بِمَأْرِبَ فَأَقْطَعَنِيهُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعَدِّ -يعني أنه لا ينقطع- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: فَلاَ إِذَنْ» أخرجه النسائي، والماء العد: الذي لا ينقطع. شبه معدن الملح بالماء لعدم انقطاعه. وليس المراد هنا الملح وإنما المراد المعدن بدليل لما علمه أنه لا ينقطع منعه، مع أنه يعلم أنه ملح، وأقطعه من أول الأمر، فالمنع لكونه معدناً لا ينقطع، قال أبو عبيد: «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلْنَبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ مَاءٌ عَدٌ ارْتَجَعَهُ مِنْهُ، لأَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الكَلأِ وَالنَّارِ وَالْمَاءِ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً فِيهِ شُرَكَاءُ، فَكَرِهَ أَنْ يَجْعَلَهُ لِرَجُلٍ يَحُوزُهُ دُونَ سِواهُ». وعلى هذا فكل معدن من المعادن التي لا تنقطع، أي غير محدودة المقدار بكمية قليلة، فإنه ملكية عامة. أما إن كان محدود المقدار بكمية قليلة فلا يكون ملكية عامة، بدليل الحديث.
وأما الفقرة (أ) فدليلها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من طريق أبي خراش عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ» أخرجه أحمد. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلأُ وَالنَّارُ» أخرجه ابن ماجة من طريق أبي هريرة، وهذا الحديث معلل بأن منعها إنما هو لأنها من مرافق الجماعة. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أباح ملكية الماء في الطائف وخيبر للأفراد، وامتلكوه بالفعل لسقي زرعهم وبساتينهم دون غيرهم، فلو كانت الشركة في الماء مطلقاً من حيث هو لما سمح للأفراد أن يمتلكوه. فمن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: الْمَاءِ ...»، وقوله: «ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ ...»، ومن إباحته عليه الصلاة والسلام للأفراد أن يمتلكوا الماء، تستنبط علة الشراكة في الماء والكلأ والنار وهي كونها من مرافق الجماعة التي لا تستغني عنها، فكل ما يتحقق فيه كونه من مرافق الجماعة كساحات البلدة وأحراش الاحتطاب ومراعي الماشية فإنه يكون ملكية عامة. هذه هي أدلة الملكية العامة، وأما دليل كون هذه الثلاث ليس غير هي الملكية العامة فإنه الاستقراء، فقد جرى استقراء الأدلة التي تدل على الملكية العامة فوجد أنها محصورة في هذه الأنواع الثلاثة وبهذا يظهر الدليل على هذه المادة.