كل مسلم ومسلمة هو أهل لشرف العمل لدولة الخلافة وحمل رايتها... ولكن الأمر لا يستقيم إلا إذا كانت عقلية المرء إسلامية، عالماً بما يلزمه من أحكام، وكذلك نفسيته إسلامية فيكون قائماً بأحكام الشرع على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه. فإذا انضبطت عقليته ونفسيته بالإسلام كان شخصية إسلامية. هذا الباب من موقع دولة الخلافة يقدم مقوماتٍ للنفسية الإسلامية ليكون لسان حامل الدعوة، وهو يعمل لإقامة الخـلافة، والسهر عليها بعد الفتح المبين، وحمل الإسلام  للعالم تحت رايتها بالدعوة والجهاد، ليكون لسانه رطباً بذكر الله، وقلبه عامراً بتقوى الله، وجوارحه تسارع للخيرات، يتلو القرآن ويعمل به، ويحب الله ورسوله، ويحب في الله ويبغض في الله، يرجو رحمة الله ويخشى عذابه، صابراً محتسباً مخلصاً لله متوكلاً عليه، ثابتاً على الحق كالطود الأشم، ليناً هيِّناً رحيماً بالمؤمنين، صلباً عزيزاً على الكافرين، لا تأخذه في الله لومة لائم، حسن الخلق، حلو الحديث، قوي الحجة، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، يسير في الدنيا ويعمل فيها وعيناه ترنوان إلى هناك، إلى جنة عرضها السموات والأرض، أعدت للمتقين.... ورضوان من الله أكبر!. قراءة التفصيل


 هنا لا بدّ لنا من وقفة نتدبر فيها الصبر لإزالة الالتباس عند بعض المسلمين حول واقعه ومدلوله. إذ أن بعض الناس يظنون أن المرء إذا انطوى على نفسه وانعزل عن الناس وترك المنكر وأهله ورأى المحرمات تنتهك وحدود الله تعطل والجهاد يلغى، وهو لا يتخذ موقفا تجاه ذلك بل هو مبتعد عنه وتارك للنهي عن المنكر، بعض الناس يظن أنه بذلك يكون صابراً. أو يفهم الصبر أن يدفع الأذى عن نفسه ويتفادى التعرض أن يناله شيء من ملاحقة أعداء الله فلا يجرؤ على قول كلمة الحق أو العمل بما يرضي الله، بل يبقى صامتا قابعا في إحدى الزوايا ويقول عن نفسه إنه صابر. إن هذا ليس هو الصبر الذي أعد الله لأهله جنات النعيم!

المقصود بالرجاء حسن الظن بالله سبحانه، ومن إحسان الظن به تعالى أن ترجو رحمته وفرجه ومغفرته ونصره. وقد مدح الله سبحانه فاعله كما مدح من يخشاه ويخافه، وأوجب الرجاء وحسن الظن كما أوجب الخوف، فينبغي للعبد أن يكون خائفاً راجياً، وقد مرت أدلة الخوف وفيما يلي بعض أدلة الرجاء من الكتاب والسنة:

البكاء حباً وشوقاً لله، والبكاء من خشيته تعالى من النعم التي لا يدركها إلا من أنعم الله عليه بها... وما عليك إلا أن تذكر بعقلك الله، وتترك لنفسك تسجد لبارئها سبحانه! صدقٌ مع الله، وهو الذي يعلم السر وأخفى، ومناجاة له سبحانه وهو السميع العليم، وركعة له في الليل والناس نيام، وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، والصدع بكلمة حق تخزي الشيطان، وتفكر وتدبر بآيات الله في الكون والحياة والانسان، وتدبر آياته سبحانه وتعالى في القرآن، كل ذلك وكثير من دواعي التنعم بنعمة البكاء لله حبا وشوقا وخشية!

الخوف من الله دليل عقل وإيمان، فضلا عن أنه فرض... والخوف من الله ليس خوف مظلوم من ظالم، بل خوف ظالم من عادل، أدرك ما عليه من واجبات ومن دين، ورغم الاستطاعة ودوام التذكير أبى، وهو خوف المقر بنعم الله وفضله، فعلم أن نعم الله عليه لا تخصى، وقابلها بذنوب لا تحصى! وهو خو ف من عرف حقيقة نفسه، أننا لله، وأنا إليه راجعون؟ وبين يديه واقفون، وعن أعمالنا مسئولون! فسبحان الله وتعالى ما كان ظلاما للعبيد، بل نحن كنا لأنفسنا ظالمين!