تزكية النفس إعجاباً بها من الأخلاق المذمومة، قال تعالى: { فَلَا تُزَكُّوٓا۟ أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ} (النجم).

وعن محمد بن عمرو بن عطاء قال : سميت ابنتي بَرَّة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: «إن رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم نهى عن هذا الاسم، وسُميت بَرّة، فقال رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم : لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البِر منكم، فقالوا بمَ نسميها؟ فقال: سموها زينب» مسلم.

والتزكية المذمومة هي التي تكون لغير حاجة مشروعة، بل يقصد منها الفخر الناتج عن الإعجاب بالنفس، أما ما يكون منها لحاجة مشروعة، أي أقرها الشرع، فهي جائزة ومنها:

  1. أن تكون من نبي أمر بتبليغها والتحدث بها؛ لأنها مما يقتضيه مقام النبوة في الدنيا أو الآخرة، كحديث أنس رضي الله عنه عند البخاري قال: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى لله عليه وآله وسلم ، يسألون عن عبادة النبي صلى لله عليه وآله وسلم ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا وأين نحن من النبي صلى لله عليه وآله وسلم ، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم ، فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». وكحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه ولفظه «أنا سيد القوم يوم القيامة» وفي رواية عند مسلم «أنا سيد الناس يوم القيامة، أنا سيد الناس يوم القيامة»، وحديث أبي سعيد عند الترمذي وقال: وهذا حديث حسن صحيح قال: قال رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر». وحديث أبي هريرة عند مسلم قال: قال رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع»، وحديث واثلة بن الأسقع عند مسلم يقول: سمعت رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم يقول: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم».
  2. أن تكون من عالم يريد بها ترغيب الناس في الأخذ عنه؛ لأن عنده علماً يرى أن الناس محتاجون إليه، لا إعجاباً بنفسه، ولا تفاخراً على غيره، كما في حديث ابن مسعود المتفق عليه قال: «ولقد علم أصحاب رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحداً أعلم به مني لرحلت إليه»زاد البخاري، بعد بكتاب الله، وما أنا بخيرهم. وقال النووي في شرح مسلم: إن الصحابة لم ينكروا قول ابن مسعود. وكما في حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: سمعت علياً رضي الله عنه قام فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام ابن الكواء، فقال: من الذين بدلوا نعمة الله كفراً، وأحلوا قومهم دار البوار؟ قال منافقو قريش، قال فمن الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ قال منهم أهل حروراء.» أخرجه الحاكم وقال هذا حديث صحيح عال ولم يخـرجـاه. وحـديـث علي هـذا كان على مسمع من الصحابة.
  3. أن يدفع عن نفسه شراً كما في حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة عند البخاري، وهو من كبار التابعين «أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر، أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى لله عليه وآله وسلم ألستم تعلمون أن رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم قال: من حفر رومة فله الجنة فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزتهم، قال فصدقوه بما قال». وكلام عثمان هذا كان على مسمع من الصحابة وصدقوه ولم يعدوه تزكية مذمومة.
  4. أن يدفع عن نفسه فرية أو شكوى. كما في حديث سعد رضي الله عنه المتفق عليه يقول: «إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي صلى لله عليه وآله وسلم وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام، لقد خبت إذاً وضل عملي. وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا لا يحسن الصلاة».

 

إن وجدت خيرا فانشره، فالدال على الخير كفاعله، دولة الخلافة، - نصر نت - nusr.net