للذِّكْر عدة معانٍ، فقد يطلق على القرآن الكريم كما في قوله عزَّ وجلَّ {ذَلِكَ نَتْلُوْهُ عَلَيْكَ مِن الآيَاتِ والذِّكْرِ الحَكِيْمِ} الآية 58 من سورة آل عمران. وكما في قوله سبحانه وتعالى {إنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُوْنَ} الآية 9 من سورة الحِجْر. وقد يُطلق على كتب الأنبياء السابقين كقوله تعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا في الزَّبُوْرِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُوْنَ} الآية 105 من سورة الأنبياء. والذكر هنا يعني التوراة. وكقوله عزَّ وجلَّ {ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجَالاً نُوْحِيْ إلَيْهِمْ فَاسْأَلُوْا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُــوْنَ} الآية 43 مــن سورة النحــل. وقــد يطلق علــــى معنــى الشرف والرفعة كما في قوله سبحانه {وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وسَوْفَ تُسْأَلُوْنَ} الآية 44 من سورة الزخرف. وقد يطلق ويراد منه الصلاة كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوْا إذَا نُوْدِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللهِ وذَرُوْا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ} الآية 9 من سورة الجمعة. وقد يطلق ويُراد منه الدين كما في قوله عزَّ وجلَّ {ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيْشَةً ضَنْكَاً...} الآية 124 من سورة طه.

أما أصلُ الذِّكر فمعناه الاستحضار، فذِكرُ الشئ استحضارُه، ويكون الاستحضار في الذهن، ويكون بالجريان على اللسان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «يقول الله عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي وأنـا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ هم خيرٌ منهم ...» رواه مسلم وأحمد. وهذا المعنى للذكر هو الشائع وهو الأكثر، وقد ورد في كتاب الله كثيراً، قال عزَّ وجلَّ {... إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىْ عَن الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ ولَذِكْرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ} الآية 45 من سورة العنكبوت. وقال سبحانه {... وإذَا قَامُوْا إلى الصَّلاةِ قَامُوْا كُسَالَى يُرَاؤُوْنَ النَّاسَ ولا يَذْكُرُوْنَ الله إلا قَلِيْلاً} الآية 142 من سورة النساء. وقال تعالى {فإذَا قَضَيْتُم الصَّلاةَ فَاذْكُرُوْا اللهَ قِيَامَاً وقُعُوْدَاً وعَلَىْ جُنُوْبِكُمْ ...} الآية 103 من سورة النساء. وكثيرٌ غيرها، وهذا المعنى الأخير للذِّكر - الاستحضار - والمعنى الأول له - القرآن الكريم - هما المقصودان من هذا البحث ، وهما اللذان يُراد الإتيان بهما عقب الصلاة.

الحث على الذكر:

لقد حث كتاب اللــه على ذكر الله ، وعلى الإكثار منه في الكثير من آياته، قال تعالى {فَإذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوْا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرَاً...} الآية 200 من سورة البقرة. وقال تعالى {... وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيْرَاً وَسَبِّحْ بِالعَشِيِّ والإبْكَارِ} الآية 41 من سورة آل عمران. وقال سبحانه {إلا الذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوْا اللهَ كَثِيْرَاً...} الآية 227 من سورة الشعراء . وقال سبحانه {كَيْ نَسَبِّحَكَ كَثِيْرَاً . وَنَذْكُرَكَ كَثِيْرَاً} الآيتان 33 و 34 من سورة طه. وقال عزَّ وجلَّ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةُ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوْ اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيْرَاً} الآية 21 من سورة الأحزاب. وقال عزَّ وجلَّ{ .. والذَّاكِرِيْنَ اللهَ كَثِيْرَاً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وأَجْرَاً عَظِيْمَاً} الآية 35 من سورة الأحزاب. وقال جلَّ جلاله {يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوْا اذْكُرُوْا اللهَ ذِكْرَاً كَثِيْرَاً} الآية 41 من سورة الأحزاب. وقال جلَّ جلاله {فَإذَا قُضِيَت الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوْا في الأَرْضِ وَابْتَغُوْا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوْا اللهَ كَثِيْرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ} الآية 10 من سورة الجمعة.

كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد حث على ذكر الله، ونوَّه بفضل الإكثار منه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يُقال له جُمْدان، فقال: سيروا، هذا جُمْدان، سبق المُفَرِّدون، قالوا: وما المُفَرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات»رواه مسلم. ورواه الترمذي وفيه«قال: المستهترون في ذكر الله، يضعُ الذِّكرُ عنهم أثقالَهم، فيأتون يوم القيامة خفافاً». ورواه أحمد وفيه «قال: الذين يهتَرون في ذِكر الله». قوله يهترون: أي يُولَعون أو يُكثِرون جداً.

فضل الذكر:

وللذِّكر منزلة عالية ودرجة رفيعة، وقد مرَّ قوله سبحانه وتعالى {... إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىْ عَن الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ...} الآية 45 من سورة العنكبوت. وقد فُسِّر بأن ذِكر الله أكبر في منع الفحشاء والمنكر من الصلاة. وعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «ألا أُنبئُكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلْقَوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذِكرُ الله» رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة والحاكم وصححه، ورواه مالك موقوفاً.

كيفية الذكر:

والذِّكر يكون بالاستغفار، ويكون بالاستعاذة، ويكون بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، ويكون بتلاوة آيات من القرآن، ويكون بالدعاء. ونُفْرِدُ لكلٍّ بحثاً منفصلاً.

 

1ــ الاستغفار

يُسَنُّ الاستغفار عقب الصلاة ، ويُسَنُّ أن يكــون ثلاث مــرات، فعـن ابن مسعود رضي الله عنه قال «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعجبه أن يدعو ثلاثاً، ويستغفر ثلاثاً» رواه أحمد وأبو داود. ويصح الاستغفار بأية صيغة من الصِّيغ، كأن يقول (أستغفرُ الله) يكررها ثلاثاً، أو يقول (أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيُّومَ وأتوبُ إليه) يكررها ثلاثاً، أو يقول (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتَني وأنا عبدُك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبوءُ بذنبي، فاغفرْ لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) يكررها ثلاثاً. وهذه الصيغة الأخيرة هي خير صيغ الاستغفار وسيِّدتها. فعن ثَوْبان رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام ...» رواه مسلم. ورواه أحمد وابن خُزَيمة والنَّسائي بلفظ «يا ذا الجلال والإكرام» بزيادة }يا{. وقد مرَّ في بحث }الجلوس فترةً عقب الصلاة{ في هذا الفصل. وروى زيد مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول «من قال: استغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيُّومَ وأتوب إليه ، غُفِر له وإن كان فرَّ من الزحف» رواه أبو داود والترمذي ورواه الحاكم بسند صحيح من طريق ابن مسعود وزاد «ثلاثاً ». وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقْتَني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوءُ بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» رواه البخاري وأحمد وابن ماجة.

ويُندب أن يقول عقب الاستغفار (اللهم أنت السلامُ ومنك السلامُ تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ) لحديث ثوبان، ولما روت عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سلَّم من الصلاة قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» رواه أحمد ومسلم.

 

2ــ الاستعاذةُ

يُندب للمسلم أن يستعيذ بالله سبحانه من مجموعة من الشرور عقب الصلوات، وإنَّهُ وإنْ كان التعوُّذ بالله مندوباً في كل حين، إلا أنه عقب الصلوات آكدُ في الندب وأدعى إلى الاستجابة، فعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال «قيل: يا رسول الله أيُّ الدعاء أسمعُ؟ قال: جوفَ الليل الآخِر ودُبُرَ الصلوات المكتوبات» رواه الترمذي. وقد جاء من صيغ التعوُّذ عقب الصلوات الصيغتان التاليتان:

  • «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر».
  • «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أُردَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر».

فعن أبي بَكرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في دُبُر كل صلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر ...» رواه أحمد وابن خُزَيمة والترمذي والنَّسائي. وعن مصعب بن سعد وعمرو بن ميمون الأزدي قالا «كان سعدٌ يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المكتبُ الغلمانَ يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتعوَّذ بهن دُبُرَ الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أُردَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر» رواه ابن خُزَيمة وأحمد والبخاري والترمذي. قوله كما يعلم المكتبُ الغلمان: أي كما يعلم المعلم الغلمان، كما جاء التصريح بذلك في رواية أخرى.

وقد رُويت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة في الاستعاذة بالله من كثير من الشرور مما لم تُقيَّد بأَدبار الصلاة، أذكر منها: الكسل وسوء القضاء ودَرْك الشقاء، وشماتة الأعداء وجَهْد البلاء، والعجز والهرم والمأثم والمغرم، وشر ما خلق الله، وضَلْع الدَّين وغَلَبة الرجال، وشر الغنى والفقر والقلة والذِّلَّة، وزوال النعمة وتحويل العافية، وفُجاءة النِّقمة وجميع سخط الله، والشِّقاق والنفاق وسوء الأخلاق، والجوع والخيانة، وعلماً لا ينفع وقلباً لا يخشع ونفساً لا تشبع ودعاءً لا يُسمع، وشر السمع وشر البصر وشر اللسان وشر القلب وشر المنيِّ، والهدم والتردِّي والغرق والحرق، وتخبُّطَ الشيطان والموت في سبيل الله مدبراً، والموت لديغاً، والبرص والجنون والجُذام وسئ الأسقام، ومنكراتِ الأخلاق والأهواء والأعمال. ولم أُورد الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت هذه الاستعاذات لأنني اكتفيت بذكر الاستعاذات الواردة في النصوص مقيدةً بأدبار الصلاة فحسب. وأُذكِّر بأنني ذكرت جملة من التعوذات في بحث }الدعاء والتعوُّذ في آخِر الصلاة{ فصل }صفة الصلاة{ وردت في الصلاة وليس في دُبُرها، ولله الحكمة في اختصاص بعضها بالصلاة وبعضها بأدبار الصلاة، وجاء بعضها مطلقاً. والعبادة توقيفية يؤتَى بها كما وردت. ولا يعني قولي هذا أنه لا يجوز التعوُّذ من سوى ما ورد التعوذ منه في أدبار الصلاة مما جاء مطلقاً، وإنما عنيت أن التعوذ مما ورد التعوذ منه في أَدبار الصلاة يُقدَّم ويفضَّل في أَدبار الصلاة على ما سواه.

 

3ــ التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليلُ

إن مما لا شك فيه أن كلام الله هو خير الكلام، وأن التقرب إلى الله سبحانه بالأذكار مما ليس في كتاب الله لا يعدل التقرب إليه سبحانه بكلامه. ويأتي التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بعد كلام الله في المنزلة والفضل، فعن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرُّك بأيِّهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» رواه احمد ومسلم والنَّسائي وابن ماجة. وقد خلت رواية مسلم من «وهي من القرآن». وهذه العبارة تعني أنها ثابتة في القرآن. ومما يدل على فضل هؤلاء الكلمات الأربع أيضاً ما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «لأنْ أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس» رواه الترمذي. وقد مرَّ في بحث }صلاة مَن لا يُحْسِن قراءة الفاتحة{ فصل }صفة الصلاة{ أن هؤلاء الكلمات الأربع وقول لا حول ولا قوة إلا بالله تُجْزِئ عن القرآن، بل تُجْزِئ عن قراءة الفاتحة في الصلاة لمن لا يحفظ من القرآن شيئاً، وهذه فضيلة عظيمة لهؤلاء الكلمات الخمس.

وأيضاً فقد روى أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: التكبير والتحميد والتسبيح ولا حول ولا قوة إلا بالله» رواه أحمد وأبو يعلى. فقد ضم الحوقلة إلى التكبير والتحميد والتسبيح وأسقط التهليل.

ومما جاء في فضل التهليل والتحميد ما رُوي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله» رواه الترمذي. ومما جاء في فضل التهليل خاصة ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال «خير الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وخير ما قلتُ والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير» رواه الترمذي. ورواه مالك من طريق طلحة بن عبيد الله بن كريز، وليس فيه }له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير{.

وقد حثَّت الأحاديث النبوية الشريفة على قول هؤلاء الكلمات عقب الصلوات، وتباينت في مقدار ما يقال منها، فقد ورد قولها عشراً، وورد قولها ثلاثاً وثلاثين، وورد قولها خمساً وعشرين، وورد أقل من ذلك وأكثر، والمسلم يختـار ما يشاء من ذلك مما يتسع وقته له ومما يقوى عليه.

1- ما ورد من الأحاديث عشراً: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «خَلَّتان لا يُحصيهما رجلٌ مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الصلوات الخمس يسبِّح أحدكم في دُبُر كلِّ صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبِّر عشراً، فهي خمسون ومائة في اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَعقِدُهُنَّ بيده ...» رواه النَّسائي وابن ماجة وابن حِبَّان والترمذي وأبو داود. وذكر الحديث الخَلَّة الثانية وهي التسبيح والتكبير والتحميد مائة مرة عند النوم. ومعنى قوله «فهي خمسون ومائة في اللسان وألف وخمسمائة في الميزان»: أنَّ كل واحدة من هؤلاء الكلمات الثلاث تقال عشر مرات عقب كل صلاة من الصلوات الخمس، فيكون المجموع خمسين كلمة، وحيث أنها ثلاث كلمات فيصبح مجموعها كلِّها مائة وخمسين كلمة، وفي يوم القيامة يضاعفها الله سبحانه الواحدة بعشرٍ، فتصبح ألفاً وخمسمائة. وعن عليٍّ رضي الله عنه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وفاطمة يطلبان خادماً من السَّبي يخفف عنهما بعض العمل، فأبى عليهما ذلك فذكر قصة، قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهما «أَلاَ أُخبركما بخيرٍ مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال: كلماتٌ علمنيهنَّ جبريل عليه السلام فقال: تُسبِّحان في دُبُر كل صلاة عشراً وتحمدان عشراً وتكبِّران عشراً ...» رواه أحمد والبخاري ومسلم. وذكر الحديث التسبيح ثلاثاً وثلاثين ، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين عند النوم، وقد اقتصرنا في إيراد هذا الحديث والذي قبله على ما يتعلق بموضوع بحثـنا، وهو الذِّكر عقب الصلاة فحسب. فهذان حديثان في قول التسبيح والتحميد والتكبير عشراً عشراً.

أما التهليل عشراً وهو الجملة الرابعة ، فجاء فيه ما يلي: عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «مَن قال في دُبُر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، عشر مرات، كُتب له عشر حسنات، ومُحي عنه عشر سيئات، ورُفع له عشر درجات، وكان يومَه ذلك كلَّه في حرزٍ من كل مكروه، وحُرس من الشيطان، لم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله» رواه الترمذي. وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من قال إذا صلى الصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، عشرَ مرات كنَّ كعدل أربع رقاب، وكتب له بهنَّ عشرُ حسنات، ومُحي عنه بهنَّ عشرُ سيئات، ورُفع له بهـنَّ عشرُ درجات، وكنَّ له حرَساً من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك» رواه أحمد وابن حِبَّان. وعن أم سلمة رضي الله عنها «أن فاطمة رضي الله عنها جاءت إلى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم تشتكي إليه الخدمة فقالت: يا رسول الله والله لقد مَجِلَتْ يدي من الرَّحى، أطحن مرة وأعجن مرة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنْ يرزقْكِ الله شيئاً يأتك، وسأدلُّكِ على خير من ذلك ... وإذا صليتِ صلاةَ الصبح فقولي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، عشر مرات بعد صلاة الصبح، وعشر مرات بعد صلاة المغرب، فإن كل واحدة منهن كعِتْقِ رقبة من ولَد إسماعيل، ولا يحل لذنب كُسب ذلك اليوم أن يدركه إلا أن يكون الشرك لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حرسُكِ ما بين أن تقوليه غدوةً إلى أن تقوليه عشيَّة من كل شيطان ومن كل سوء» رواه أحمد. ورواه الطبراني مختصراً. قوله مَجِلت يدي من الرحى: أي يبست يدي وصارت خشنة من كثرة طحن الحبوب بالطاحونة. فهذه الأحاديث نصٌّ في قول التهليل عشر مرات. وينبغي ملاحظةُ أن التهليل عشر مرات إنما ورد تقييده بصلاتي الفجر والمغرب فحسب، فيُندب ذكرُه عشراً عقب هاتين الصلاتين، ثم إن صيغة التهليل وردت متفاوتة في الأحاديث الثلاثة ، فالمسلم بالخيار بين أيٍّ من هذه الصيغ.

2- ما ورد من الأحاديث ثلاثاً وثلاثين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: ذهب أهل الدُّثُور من الأموال بالدَّرجات العلا والنعيم المقيم، يُصلُّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم فضْلٌ من أموالٍ يحجُّون بها ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدَّقون، قال: ألا أُحدثكم بما إنْ أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خيرَ مَنْ أنتم بين ظَهْرَانِيْهِم إلا من عمل مثله؟ تسبِّحُون وتحمدون وتكبِّرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، فاختلفنا بيننا فقال بعضنا: نسبح ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فرجعت إليه فقال تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين» رواه البخاري ومسلم وابن خُزَيمة . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «قال أبو ذر: يا رسول الله ذهب أصحاب الدُّثور بالأجر ، يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كمـا نصوم، ولهم فُضول أموال يتصدَّقون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا أبا ذر أَلاَ أُعلمك كلمات تدرك بهن مَن سبقك ولا يلحقك من خلفك إلا من أخذ بمثل عملك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: تكبِّر الله دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتسبِّحُه ثلاثاً وثلاثين، وتختمها بـ لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير» رواه ابن حِبَّان. ورواه أبو داود وقال في آخره «غُفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» قوله أصحاب الدُّثور: أي أصحاب الأموال الكثيرة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من سبَّح الله في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» رواه مسلم وأحمد وابن خُزَيمة وابن حِبَّان ومالك. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال «جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله إن الأغنياء يُصلُّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يتصدقون وينفقون، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ولا إله إلا الله عشراً، فإنكم تدركون بذلك من سبقكم وتسبقون مَنْ بَعدكم» رواه النَّسائي.

وأُلفت النظر إلى أن هذه الأحاديث وإن هي اتفقت في عدد التسبيح والتحميد والتكبير إلا أنها تباينت في عدد التهليل، فالحديث الأول اغفل التهليل كلياً، والحديث الثاني ذكر التهليل مطلقاً دون تحديد، والحديث الثالث ذكر التهليل مرة واحدة، والحديث الرابع ذكر التهليل عشراً، وأنا أميل إلى الأخذ بالحديث الثالث الذي رواه مسلم وفيه التهليل مرة واحدة، فهذا الحديث لا يتعارض مع الحديث الأول، لأن الزيادة تُقبل إنْ رواها ثقة. وكذلك هو لا يتعارض مع الحديث الثاني، بل يعضده ويفسِّره. وأما الحديث الرابع فيُحمل على صلاتي الفجر والمغرب ويُقصر عليهما، والله سبحانه أعلم.

3- ما ورد من الأحاديث خمساً وعشرين: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال «أُمِرنا أن نسبِّحَ في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبِّر أربعاً وثلاثين، فأُتيَ رجلٌ في منامه فقيل له: إنه أَمَرَكم محمدٌ أن تسبِّحوا في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّروا أربعاً وثلاثين؟ قال نعم، قال: اجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيه التهليل، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فافعلوه» رواه ابن حِبَّان وابن خُزَيمة وأحمد والنَّسائي. ورواه النَّسائي كذلك من طريق ابن عمر رضي الله عنه ، وجاء فيه «.. سبِّحوا خمساً وعشرين، واحمدوا خمساً وعشرين، وكبِّروا خمساً وعشرين، وهلِّلُوا خمساً وعشرين، فتلك مائة ...».

وهناك أحاديث أخرى ذكرت التكبير أربعاً وثلاثين، وأبقت على التسبيح والتحميد ثلاثاً وثلاثين ثلاثاً وثلاثين، منها ما رواه كعب بن عُجْرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «مُعَقِّبات لا يخيب قائلُهن أو فاعلُهن دُبُر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تـكبيرة» رواه مسلم وابن حِبَّان والنَّسائي. ومنها ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند أحمد والبزَّار والطبراني بمثل ما رواه مسلم من حيث العدد. ويلاحظ من ذلك أن الرقم وصل إلى المائة بزيادة تكبيرة واحدة على التكبيرات الثلاث والثلاثين، في حين أن الرقم وصل إلى المائة بزيادة تهليلة واحدة في حديث مسلم المار في بند (2) «فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله ...» كما أنه وصل إلى المائة في حديث النَّسائي المار في بند (3) «سبِّحوا خمساً وعشرين و... و... و... فتلك مائة». فهذه الأحاديث نَوَّهت بالعدد مائة، فَمَنْ ملك الوقت الكافي والرغبة في مزيد الثواب فلْيوصل هذه الجمل إلى المائة، وليختر الصيغة التي يراها من هذه الصيغ الثلاث، وإذا أتمَّ المائة جملة بتهليلة واحدة فليقل بعدها مباشرة }اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطيَ لِما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ{ وذلك لما روى المغيرة بن شعبة «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في دُبُر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ» رواه البخاري ومسلم والنَّسائي وأحمد وأبو داود.

وهناك صيغة رابعة للتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وللحوقلة كذلك تضاف للصيغ الثلاث السابقة، أندب المصلين إلى الأخذ بها لما لها من فضل، وهي هكذا "سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق. والله أكبر عددَ ما خلق في السماء، والله أكبر عددَ ما خلق في الأرض، والله أكبر عددَ ما خلق بين ذلك، والله أكبر عددَ ما هو خالق. والحمد لله عددَ ما خلق في السماء، والحمد لله عددَ ما خلق في الأرض والحمد لله عددَ ما خلق بين ذلك، والحمد لله عددَ ما هو خالق. ولا إله إلا الله عددَ ما خلق في السماء، ولا إله إلا الله عددَ ما خلق في الأرض، ولا إله إلا الله عددَ ما خلق بين ذلك، ولا إله إلا الله عددَ ما هو خالق. ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق في السماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق في الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق بين ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما هو خالق{ فعن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها رضي الله عنهما «أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبِّح به فقال: أُخبركِ بما هو أيسر عليكِ من هذا أو أفضل، فقال: سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك» رواه أبو داود والنَّسائي وابن ماجة.

 

أما كيف يحصي المسلم تسبيحاته وأذكاره فيأتي منها بالمقدار الذي يريد؟ فالجواب عليه هو أنه يجوز التسبيح بالمسبحة وبما هو من جنسها كالنوى والحصى والخرز، لكن المستحب في التسبيح والأَذكار العدُّ بالأصابع والأنامل لأنهن مسؤولات يوم القيامة، ويشهدن لصاحبهن بالذِّكر، فعن يسيرة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطَقَات» رواه أبو داود وأحمد والترمذي. ورواه ابن أبي شيبة عن بُسرة - وليس يسيرة كما في سنن أبي داود - قالت: قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «عليكن بالتسبيح والتهليل والتكبير، واعقدن بالأنامل فإنهن يأتين يوم القيامة مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلْن فتنسَين الرحمة». وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعقده بيده، يعني التسبيح» رواه ابن أبي شيبة. ورواه أبو داود ولكنه قال «بيمينه» بدل "بيده" ورواه النَّسائي بدون "بيده" وبدون "بيمينه" هكذا «يعقد التسبيح».

أما من أراد نوال الثواب العظيم في الوقت القصير والجهد القليل ولا يحتاج إلى مسابح ونوى وحصى فليقرأ هذا الحديث وليعمل بما فيه: عن ابن عباس رضي الله عنه عن جُوَيرية رضـــي الله عنهــا «أن النبــي صلى الله عليه وآله وسلم خــرج من عندها بُكـــرةً حــــين صلى الصبـــح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتُكِ ا؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لقد قلتُ بعدك أربعَ كلمات ثلاث مــرات، لو وُزنت بمــا قُلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عددَ خلقِه ورِضا نفسِه وزِنَةَ عرشِه ومدادَ كلماتِه» رواه مسلم وابن خُزَيمة وأحمد وأبو داود. وفي رواية أخرى لمسلم «أنه قال : سبحـــان الله عددَ خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحــان الله زنةَ عرشه، سبحان الله مدادَ كلماته». وفي رواية النَّسائي والترمذي «سبحان الله عددَ خلقه، سبحان الله عددَ خلقه، سبحان الله عددَ خلقه. سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه. سبحان الله زِنةَ عرشه، سبحـــان الله زِنةَ عرشــــه، سبحـــان اللــه زِنةَ عرشه. سبحان اللــه مدادَ كلمــاته، سبحـــان الله مدادَ كلماته، سبحــان الله مــدادَ كلماته» والصيغة الأولى أسهل وأفضل لأن فيها "وبحمده" في حين أن الروايتين الأُخريين قد خلتا منها، والزيادة في الأذكار أفضل.

فهؤلاء أربع كلمات قصار يقولهن المصلي فيحصل على ثواب الساعات الطوال من الأذكار غيرها، ذلك أن جُوَيرية رضي الله عنها قـد واظبت على الذكر منذ صلاة الصبح إلى وقت الضحى كما جاء في رواية مسلم، أو إلى أن تعالى النهار كما جاء في رواية ابن خُزَيمة، وهذه المدة تقدَّر بساعتين إلى ثلاث ساعات من ساعاتنا الحالية، فالمسلم يقول هؤلاء الكلمات الأربع في نصف دقيقة فيحصل على ثواب الذكر من غيرهنَّ في ساعتين إلى ثلاث ساعات، فهي فرصة متاحة لحصاد الثواب العظيم.

وهناك فرصة أعظم لتحصيل ثوابٍ أكثر ذكرها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد روى أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ به وهو يحرِّك شفتيه فقال: ماذا تقول يا أبا أُمامة؟ قال: أذكر ربي، قال أفلا أُخبرك بأكثر - أو أفضل - من ذِكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عددَ ما خلق، وسبحان الله ملءَ ما خلق، وسبحان الله عددَ ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملءَ ما في الأرض والسماء، وسبحان الله عددَ ما أحصى كتابُه، وسبحان الله عددَ كلِّ شئ، وسبحان الله ملءَ كلِّ شئ، وتقول الحمد مثل ذلك» رواه ابن خُزَيمة. فهؤلاء الكلمات القليلات يفْضُلْن الذكرَ الليلَ مع النهار والنهارَ مع الليل، أي يفْضُلْن أربعاً وعشرين ساعة من الأذكار، فهن لا شك أعظم ثواباً من الذكر الوارد في حديث جويرية رضي الله عنها.

 

4ـــ تلاوةُ آيات من القرآن

قراءة القرآن من أعظم القُرُبات عند الله سبحانه، ولست هنا بصدد بحث هذا الموضوع لأنه خارج عن بحثنا، وهو }ما يقال فحسب عقب الصلاة{، وإذا كان لا بد من كلمة في هذا الموضوع فهي أن المندوب قراءةُ القرآن كلِّه في شهرٍ ، فهي أعدل القرآءات، وإن كان المسلم يريد المزيد وعنده قدرة ونشاط وفراغ فلا يزيد عن ثلاثة أيام بحال، أي لا يقرأ القرآن كله في أقل من ثلاثة أيام. ونأتي لموضوعنا فنقول إن المندوب للمسلم إذا صلى وجلس يذكر الله سبحانه أن يتلو ما يلي:

  1. آية الكرسي وهي الآية 255 من سورة البقرة.
  2. سورة الفلق.
  3. سورة الناس.
  4. {سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفون. وسلامٌ على المرسلين. والحمد لله رب العالمين} الآيات 180 ، 181 ، 182 من سورة الصافات.

 

هذا ما وردت به النصوص، ومن أراد الزيادة فالباب مفتوح، وأخصُّ بالذكر سورة الإخلاص، فقد أدخلها بعضهم في المعوِّذات فقالوا بتلاوتها مع المعوِّذتين مستدلين بحديث ضعيف رواه الطبراني يذكرها بالاسم. وأما ما ذكرته أعلاه فقد وردت به الأحاديث التالية:

 

عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من قرأ آية الكرسي دُبُر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت» رواه الطبراني والنَّسائي وابن حِبَّان. وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من قرأ آية الكرسي في دُبُر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى» رواه الطبراني. وعن عُقبة بن عامر رضي الله عنه قال «أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقرأ المعوِّذات دُبُر كل صلاة» رواه النَّسائي وأحمد وأبو داود والطبراني وابن خُزَيمة. ورواه ابن حِبَّان ولفظه «إقرأوا المعوِّذات في دُبُر كلِّ صلاة» وفي رواية للنَّسائي والترمذي «المعوِّذتين» بالتثنية. قوله المعوِّذات - بصيغة الجمع - استدل به بعضهم على الإتيان بسورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، لأن هؤلاء السور ثلاثٌ، ووقف بعضهم على لفظة المعوِّذتين - بالتثنية - فقالوا بتلاوة سورة الفلق وسورة الناس فحسب وهو الصحيح، وذلك أن من أسلوب اللغة العربية أن يُؤتى بصيغة الجمع للمفرد وللمثنى أحياناً، فمثلاً قال امرؤ القيس في معلَّقته يصف الحصان (يُزلُّ الغلامَ الخِفَّ عن صَهَوَاتِه) والحصان ليست له إلا صهوةٌ واحدة، وقال تعالى {فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُـوَ قَائِمٌ يُصَلِّيْ في المِحْرَابِ ...} الآية 39 من سورة آل عمران. والمنادي هو جبريل وحده. وقال جلَّ جلاله {الذِيْنَ قَالَ لَهُم النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ...} الآية 173 من سورة آل عمران. والقائل هو رجل واحد من خزاعة. وعلى هذه القاعدة خرج الحديث، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أطلق لفظة المعوِّذات - بالجمع - على المعوِّذتين - الفلق والناس - فهما المقصودتان فقط. وعلى هذا فإن سورة الإخلاص لا تندرج تحت هذه اللفظة، فهي بالتالي ليست مطلوبة هنا. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال «سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة يقول في آخر صلاته عند انصرافه {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُوْنَ. وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلِيْنَ . وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَيْنَ}» رواه ابن أبي شيبة والترمذي.

 

5ــ الدُّعــاءُ

إن فضل الدعاء في الإسلام معلوم من الدين بالضرورة، وإلى من فاته الوقوف على النصوص فيه أعرض عليه ما يلي: قال تعالــى {قُلْ ما يَعْبَأُ بكـــم ربــي لولا دعاؤُكم فقد كذَّبْتُم فسوفَ يكونُ لِزاماً} الآية 77 من سورة الفرقان. ودلالة الآية واضحة في فضل الدعاء، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من لم يدْعُ اللهَ سبحانه يغضبْ عليه» رواه ابن ماجة وأحمد وابن أبي شيبة والحاكم. ورواه الترمذي بلفظ «إنه مَن لم يسأل الله يغضبْ عليه ». وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «ليس شئ أكرم على الله سبحانه من الدعاء» رواه ابن ماجة وأحمد والترمذي والحاكم وابن حِبَّان. وكفى بذلك فضلاً. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: وقال ربكم ادعونـي استجــبْ لكـــم» رواه ابن ماجة وأحمد والترمذي. وعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «لا يزيـــد في العمـــر إلا البِرُّ، ولا يردُّ القضــاء إلا الــدعاء، وإن الرجل لَيُحْــرَمُ الرزقَ بخطيئةٍ يعملها» رواه ابن ماجة وأحمــد والترمذي. ولو لم يكن عندنا إلا هذا النص الأخير «ولا يردُّ القضاء إلا الدعاء» لكفى الدعاء فضلاً عظيماً، فلندعُ الله سبحانه، ولندعوه بإخلاص، ولنكثر من الدعاء، ولنرجُ من الله الاستجابة.

وقد وردت بضعة أحاديث فيها الأدعية التي تقال عقب الصلاة أذكر منها ما يلي:

  1. "اللهم أعنِّي على ذِكْرِك وشكرِك وحُسْنِ عبادتِك".
  2. "اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ وما أنت أعلمُ به مني، أنت المقدِّم وأنت المُؤخِّر لا إله إلا أنت".
  3. "ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك".

ووردت أدعية أخرى في أحاديث ليست أسانيدُهـــا قوية، ولهذا اكتفيت بالأدعية الثلاثة المذكــورة، وهذه هي أدلتها على الترتيب: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال: يا معاذ إني لأُحِبُّك، فقال له معاذ: بأبي أنت وأُمي يا رسول الله وأنا أُحبك، قال: أُوصيك يا معاذ لا تدعَنَّ في دُبُر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرِك وشُكرِك وحُسْنِ عبادتِك» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي وابن خُزَيمة وابن حِبَّان. وعن علي رضي الله عنه - في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال «فإذا سلَّم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ وما أنت أعلمُ به مني، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت» رواه أحمد وابن خُزَيمة وابن حِبَّان والترمذي. ورواه مسلم إلا أنه ذكر هذا الدعاء بين التَّشهُّد والتسليم وليس بعده. وعن البراء رضي الله عنه قال «كنا إذا صلينا خلفَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يُقبل علينا بوجهه، قال فسمعتُه يقول: ربِّ قِنِي عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك» رواه مسلم. وقد مرَّ في بحث }الجلوس فترة عقب الصلاة{ في هذا الفصل.

وقد ورد الدعاء التالي يُدعى به عقب صلاتي الصبح والمغرب خاصة "اللهم أَجِرْني من النار" سبع مرات، فقد روى الحارث بن مسلم التميمي أن أباه حدَّثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا صليت الصبح فقل قبل أن تُكلِّمَ أحداً: اللهم أجِرْني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله عزَّ وجلَّ لك جِواراً من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مت من ليلتك كتب الله عزَّ وجلَّ لك جِواراً من النار» رواه الطبراني وأحمد وأبو داود والنَّسائي وابن حِبَّان.

هذا ما وردت به النصوص من أدعية تقال عقب الصلاة، ولا يعني ذلك أن لا يدعو المسلم بأي دعاء آخر يختاره عقب الصلوات، فإن الدعاء مشروع ومندوب في كل وقت وبأية صيغة، ولكن هذه الأدعية الواردة عقب الصلوات لها ميزةٌ خاصة الله سبحانه أعلم بها، فالأَوْلى والأفضل الإتيان بها وتقديمها على غيرها، ثم هو بالخيار بعد ذلك بين أن يدعو بما يحقق حاجاته في دينه ودنياه وآخرته من كلمات يختارها بنفسه، وبين أن يختار من أدعية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما وردت به النصوص مطلقة .

 

وإني أُقدِّم العون في هذا المضمار فأذكر جملةً من الأدعية الجامعة المأثورة ، لاسيما وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعجبه الجوامع من الدعاء ، ويدع ما بين ذلك، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عائشة رضي الله عنها .

  1. "يا مقلِّبَ القلوب ثبِّت قلبي على دينك" .
  2. "اللهم إني أسألك فِعلَ الخيرات وتركَ المنكرات وحُبَّ المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردتَ فتنةً في قوم فتوفَّني غير مفتون، وأسألك حبَّك وحبَّ من يحبك وحبَّ عملٍ يقرِّبني إلى حبك" .
  3. "اللهم إني أسألك الهدى والتُّقى والعفافَ والغنى".
  4. "اللهم إني أسألك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة".
  5. "اللهم ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار".

 

وللدعاء جملةٌ من الآداب لا بد للمسلم من أن يحيط بها وأن يراعيها، لعل الله سبحانه أن يتقبل منه ويستجيب له، ومن هذه الآداب ما يلي:

  1. أن يدعو بما يريد تحقيقه وهو متفطِّنٌ له ذاكرٌ له غير غائب عن ذهنه وغير لاهٍ عنه، وإلا فإن دعاءه لا يستجاب له، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «إن القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عزَّ وجلَّ أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلب» رواه أحمد.
  2. أن لا يَعْجَلَ تحقيقَ الدعاء، ولْيستمرَّ في الدعاء ولا ييأس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «يُستجاب لأَحدكم ما لم يعجل، يقول دعوتُ فلم يُستَجَبْ لي» رواه البخاري وابن ماجة وأحمد وأبو داود ومسلم.
  3. أن لا يدعو بدعاء محرَّمٍ وفيه إثم، أو بدعاء فيه قطيعة رحِم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحِمٍ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يُعجِّل له دعوتَه، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نُكْثر، قال: الله أكثر» رواه أحمد والبزَّار والحاكم وأبو يعلى .
  4. أن يستفتح الدعاء بحمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم يدعو بما شاء، فعن فُضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال « سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجِّد الله تعالى ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : عجَّل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فلْيبدأ بتحميد ربِّه جلَّ وعزَّ والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم يدعو بعدُ بما شاء» رواه أبو داود والطبراني والترمذي وأحمد. وإذا استفتح الدعاء بـ }سبحان ربيَ العليِّ الأعلى الوهاب{ فحسن، لما رُوي أن سلمة بن الأكوع قال «ما سمعتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستفتح دعاءً إلا استفتحه بـ سبحان ربيَ العليِّ الأعلى الوهاب» رواه الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي.
  5. أن يرفع يديه إذا دعاجاعلاً باطن كفيه تجاه وجهه، وأن لا يجاوز بهما وجهه، وإذا فرغ من الدعاء مسح بهما وجهه، لما روى سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال «إن ربكم حييٌّ كريمٌ، يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردَّهما صفراً، أو قال خائبتين» رواه ابن ماجة وأبو داود وابن حِبَّان والطبراني. ولما رُوي عن عمير مولى أبي اللحم «أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء، قائماً يدعو يستسقي، رافعاً كفيه لا يجاوز بهما رأسه، مقبلاً بباطن كفِّه إلى وجهه» رواه ابن حِبَّان وأحمد وأبو داود. ولما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطَّهما حتى يمسح بهما وجهه، قال محمد بن المثنى في حديثه: لم يردَّهما حتى يمسح بهما وجهه» رواه الترمذي، ورواه الطبراني في كتاب الدعاء.
  6. أن يكرر الدعاء ثلاثاً، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً» رواه أحمد وأبو داود.
  7. يقول عقب الدعاء آمين، فقد مرَّ الحديث الذي رواه أبو داود من طريق أبي زهير في بحث }التأمين في الصلاة{ فصل }صفة الصلاة{ وفيه «فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أَوجبَ إنْ خَتَم، فقال رجل من القوم : بأيِّ شئ يختم؟ قال: بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب ...».

 

أدعو الله سبحانه أن يتقبَّل من الكاتب والفاعل، وأن يجعله في ميزان حسناتهم، وأدعو الله أن يستعملنا في استنئناف الحياة الإسلامية في ظل دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، صالحين مخلصين، إنه سميع الدعاء آمين .