قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) } (آل عمران 133).

وقال: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)} (النور 51-52).

 وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) } (الأحزاب 36).

وقال: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) } (النساء 65).

وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} (التحريم 6).

وقال: { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}  (طه 123-126).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم عن أبي هريرة.

إن الذين يسارعون إلى المغفرة والجنة ويبادرون إلى الأعمال الصالحات وُجدوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي العصور التي تلت، وما زالت الأمة تنجب هؤلاء المسارعين الذين يستجيبون لربهم ويشرون أنفسهم ابتغاء رضوانه، ومن ذلك:

  1. في حديث جابر المتفق عليه قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: في الجنة فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل».
  2. وحديث أنس عند مسلم وفيه: «فانطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم، قال بخ بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يحملك على قول بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل».
  3. وفي حديث أنس المتفق عليه قال: «غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني الصحابة، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد فما استطعتُ يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه» قال أنس كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)}.
  4. وروى البخاريُّ عن أبي سروعة قال: «صليت وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة العصر فسلم، ثم قام مسرعاً، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال: ذكرت شيئاً من تبر عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته» وفي رواية له: «كنت خلفت في البيت تبراً من الصدقة، فكرهت أن أبيته». وهذا يرشد المسلمين إلى المبادرة والإسراع في تنفيذ ما أوجب الله عليهم.
  5. وروى البخاري عَن البَرَاءِ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَـلَّمَ الْمَدِينَـةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْـلَةً تَرْضَاهَا فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِـنْ الأَنصـارِ فَقَـالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاةِ الْعَصْرِ».
  6. وروى البخاري عن ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَانْتَحَرْنَاهَا فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ فَلا تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْنَا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنَّها لَمْ تُخَمَّسْ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ».
  7. وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَهُوَ تَمْرٌ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ».
  8. وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها  قالت: «وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ».
  9. روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل، لمـّا أنـزل الله { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}  شَقَقْن مروطهنّ فاختمرن بها».
  10. أخرج أبو داود عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها «أنها ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن وقالت لهن معروفاً، وقالت: لمّـا نزلت سورة النور عَمِدْنَ إلى حجورٍ فشققنهن فاتخذنه خُمُراً».
  11. قال ابن إسحق: ... وقَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأشعث بن قيس في وفد كِنْدة. فحدثني الزهري أنه قدم في ثمانين راكباً من كندة، فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجدَه، قد رجَّلوا جُمَمَهم (جمع جُمَّة وهي شعر الرأس الكثيف) وتكحَّلوا، عليهم جُبَبُ الحِبَرَة قد كفَّفوها بالحرير. فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم: «ألم تسلموا؟ » قالوا: بلى. قال: «فما بال هذا الحرير في أعناقكم؟» قال: فشَـقُّوه منها فألقَوْه.
  12. وروى ابن جرير عن أبي بريدة عن أبيه قال: (بينا نحن قعود على شراب لنا ونحن على رملة ونحن ثلاثة أو أربعة، وعندنا باطية لنا ونحن نشـرب الخـمـر حِـلاًّ إذ قـمـت حتى آتي رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم عليه إذ نـزل تحريم الخمر { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى آخر الآيتين { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)}. فجـئـت إلى  أصـحـابي فقرأتها عليهم إلى قوله { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)}. قال: وبعض القوم شربته في يده قد شرب بعضها وبقي بعض في الإناء، فقال بالإناء تحت شفته العليا، كما يفعل الحجّام، ثم صبّوا ما في باطيتهم فقالوا: انتهينا ربَّنا).
  13. حنظلة بن أبي عامر، غسيلُ الملائكة رضي الله عنه، سمع النداء إلى معركة أُحُد، فلبّى النداء مسرعاً. وقد استُشهد يوم أُحُد. قال ابن إسحق: (فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إن صاحبكم لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما شأنه؟». فسئلت صاحبته، وكانت عروساً عليه تلك الليلة. فقالت: خرج وهوجُنُب حين سمع الهاتفة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كذلك غسلته الملائكة».
  14. أخرج الإمام أحمد عن رافع بن خَدِيج قال: «كُنَّا نُحَاقِلُ بِالأَرْضِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مِنْ عُمُومَتِي فَقَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ فَنُكْرِيَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُزْرِعَهَا وَكَرِهَ كِرَاءَهَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ».