طباعة
المجموعة: كيف هُدِمَت دولة الخلافة

سبق وذكر أن الاتصال بوزير الخارجية نسيمي بيك أول بروز رسمي لمصطفى كمال في السعي لإخراج الدولة من الحرب، ومحاولته إقناع رجال الدولة من وزراء وضباط بذلك. وكان  يحمل عمله هذا على أنه رأي شخصي له، واجتهاد منه، وبإبعاده استراحت الدولة من هذه الفكرة. إلا أنه حصلت بعد ذلك حوادث متعددة قام بها مصطفى كمال لتنفيذ أفكاره بالقوة، وللاستيلاء على الحكم بالقوة كما ظهرت فيها خيانته.

مصطفى كمال يطمع بالاستيلاء على السلطة

 أما الحادث الأول فإنه حصل أثناء وجوده في القفقاس. فقد قامت محاولة انقلاب يظن أن له صلة بها. فقد نظم الميجر يعقوب جميل بك مع بعض رفاقه مؤامرة لقلب الحكومة. وكان مما قاله لرفاقه: «إن أولئك الرجال الذين يعدون أنفسهم كباراً هم في الحقيقة صغار، وإن البلاد تطلب إزاحتهم عن مقاعدهم ليحتلها رجال أشد وطنية وأكثر إخلاصاً« فاعترضه بعض رفاقه قائلين: «إن إزاحة هؤلاء من الأمور الهينة، ولكن قل لنا عن الشخص الذي ترى أن في وسعه إعادة النظام كما كان؟» فأجابهم فوراً: «مصطفى كمال».

وقد كشفت هذه المؤامرة وأعدم الميجر يعقوب ورفاقه. وسمع بهذا الخبر مصطفى كمال أثناء إقامته بالقفقاس، فكان وقعه عليه كالصاعقة. وقد وصلته هذه الأخبار عن طريق الدكتور حلمي بك الذي كان قد اشترك في تلك المؤامرة، ولكنه تمكن من الفرار من إسطنبول وذهب إلى مصطفى كمال. وقد طلبت الحكومة في إسطنبول من مصطفى كمال أن يلقي القبض على الدكتور حلمي وأن يعيده في الحال، فأبرق مصطفى لهذه السلطات يقول: «إن الدكتور حلمي قد أصبح منذ الآن تحت حمايتي» فما كان من الحكومة إلا أن سكتت، لما للاصطدام بمصطفى كمال من عواقب عليها. وبهذا ظهر للحكومة وللكثيرين في الدولة والجيش أن مصطفى كمال يطمع بالاستيلاء على السلطة، والانسحاب من الحرب. وبذلك ظهر مصطفى كمال على المسرح السياسي لا بأفكاره التي كان يحملها فحسب بل وبطريقته التي كان يريد أن ينفذ بها تلك الأفكار، ولذلك صارت تتخذ إزاءه الاحتياطات والتحفظات.

يقف ضد الدولة العثمانية في اشتباكها مع الإنجليز

وأما الحادث الثاني فإنه حين هزمت الدولة في (ارضروم)، وسقطت بغداد في آذار (مارس) سنة 1917 في يد الإنجليز، برزت جرأة مصطفى كمال على الحكومة بشكل صارخ، وأخذ يطالبها علناً بالانسحاب من الحرب. وتفصيل ذلك أن الروس شددوا الهجوم على (ارضروم) فسقطت في أيديهم. وكان يمكن أن يسدل الستار على ضياع ذلك الحصن، وكان من الممكن أن تعمل السلطات على ستر هذه الفضيحة، ولكن حدث أن هاجم الإنجليز العراق وسقطت بغداد في أيديهم. فانكشف هزال الدولة وبرزت هزيمتها.

فقد غزا الإنجليز بجيش من الهند العراق، فتصدى لهم الجيش العثماني فأوقف زحف الحملة الإنجليزية، وصد جيشاً إنجليزياً من جيوش النجدة، وأكره فرقة تومشند المحاصرة في كوت العمارة على الاستسلام في 29 نيسان 1916 وأسروها كلها. ولكن القوات الإنجليزية التي نزلت في العراق كانت أكثر من القوات العثمانية فيها، وكان تفوق الإنجليز العسكري قد بدأ يبرز في المعارك، ولذلك عادت كفة الإنجليز فرجحت.

وفي شهر شباط سنة 1917 أعاد الإنجليز احتلال كوت العمار. ثم في آذار سنة 1917 سقطت بغداد في أيديهم، واستأنفوا زحفهم نحو الموصل، فأدى ذلك إلى اضطراب في الوزارة. ووجد رأي عام لإخراج أنور من وزارة الحربية وإسنادها إلى غيره، حتى إن حزب الاتحاد والترقي وهو الحزب الحاكم، وأنور من أبرز أركانه، كان من هذا الرأي.

ولذلك جرى البحث فيمن يحل مكان أنور في وزارة الحربية من القادة الأكفاء، وكانت الأسماء التي ترشح لهذا المركز في هذه الظروف هي جمال باشا، والمارشال عزت، ومصطفى كمال. ولكن عجز جمال باشا في حكم الإقليم السوري الذي كان يديره، وعدم خبرة عزت باشا في الأمور السياسية، ووزارة الحرب تحتاج إلى دراية وخبرة في الأمور السياسية، قد جعل حلولهما مكان أنور عملاً خاطئاً، فلم يبق إلا مصطفى كمال.

ولكنه كان معروفاً بأنه يريد قلب الحكومة والانسحاب من الحرب. وكان رأيه في الحرب معروفاً، فلم يوافقوا عليه. إذ إنه كان يكتب للحكومة يحذرها من الاستمرار في الحرب، وكان يعتقد أن ألمانيا قد خسرت الحرب سياسياً، وأنه لم يعد بوسعها أن تكسبها حربياً. وكان يشك في إمكان بقاء تركيا بعيدة عن الحرب، لأنه يرى أنه من الضروري أن يتخذ الحلفاء لهم ممراً في الدردنيل لكي يتمكنوا من الاتصال بالدول المتحالفة الواقعة في الشرق، وكانت روسيا من الناحية الأخرى تُعَدّ عدُوّ الإمبراطورية العثمانية اللدود. وهذه الآراء كلها كانت معروفة، وكان يصرح بها علناً. ولذلك فإنه ما من أحد كانت تداخله أدنى ريبة في أن مصطفى كمال إذا تسلم قيادة الجيش سيحدث انقلاباً تاماً في الحكومة وسياستها. ولهذا هدأ المطالبون بضرورة اعتزال أنور، وبدأوا يطالبون باسترداد بغداد في أقرب وقت.

وقصد أنور القيادة العليا الألمانية يطلب بإلحاح ولجاجة إمدادهم بالقوات لاسترجاع بغداد، فبذل الألمان كل ما وسعهم للانتصار لحليفهم أنور وإبقائه في مركزه، وكان من تدابيرهم التي لجأوا إليها أنهم وضعوا الجنرال فولنكهاين وعدداً كبيراً من الفصائل تحت تصرفه. فنظم فولنكهاين قوات جديدة أطلق عليها إسم الصاعقة. وقد جعلوا مقر قيادتها العليا مدينة حلب، ورقي مصطفى كمال إلى رتبة جنرال، وعين في إحدى قيادات الجيش الرابع تحت إمرة فولنكهاين.

ولكنه لم يرض أن تكون القيادة بيد أحد الألمان، وكان يعد من العبث بذل أي جهد لاسترداد بغداد، وأن الجهود التي تبذل لاستردادها ضائعة عديمة الجدوى. بل كان يرى أن الإقدام على هذا العمل سيؤدي إلى خسائر جديدة فادحة للجيش العثماني. وعلى هذا أخذ يظهر للبلاد جهل المطالبين باسترداد بغداد، وخطل سياسة أنور، ويبين الأذى الذي سيلحقها جراءَ تنفيذ هذه السياسة العرجاء. ثم أخذ يفيض في خطبه يشرح الأضرار التي تكبدتها الدولة العثمانية بسبب استسلامها للألمان. وكان لا بد له من أن يصطدم مع القائد الألماني. وقد حاول القائد الألماني فولنكهاين استمالته واسترضاءه بشتى الوسائل فلم يفلح. وكان يحضره إلى اجتماعات القيادة.

وكانت الخطة مهاجمة بغداد برّاً، وقناة السويس جوّاً. فبالهجوم على قناة السويس تجمد القوات الإنجليزية هناك عن إمداد قواتها قي العراق. ولكن مصطفى كمال انتقد هذه الخطة وهاجمها بشدة. وكان يصرح بأن مصيرها إلى الفشل. ولكن الألمان لم يلقوا بالاً إلى اعتراضاته وانتقاداته، ولم يظاهره على رأيه هذا سوى جمال باشا، لأن رأيه كان من رأيه، ولأنهما الضابطان المعروفان بكرههما للألمان، والقائلان بانسحاب الدولة من الحرب. ولذلك وقف جمال باشا إلى جانب مصطفى كمال في مناقشات القيادة، ولكن الخطة ظلت سائرة، لأن القائد العام فولنكهاين وسائر القواد كانوا يرون صحتها ونجاحها.

ثم توالت أسباب الخلاف بين مصطفى كمال وفولنكهاين. وذات يوم انعقد المجلس الحربي لمباشرة تنفيذ الخطط، وساده جوٍ من النقاش الحامي، فوجه فولنكهاين إلى مصطفى كمال كلاماً جارحاً، فرد عليه مصطفى كمال بقارص الكلم. وعلى إثر ذلك قدم مصطفى كمال استقالته فرفضها أنور، وأمر بإعادته إلى القفقاس. ولكنه لم يخضع هذه المرة للأمر، ورفض الذهاب، فتراجع أنور، ورأى أن خير أسلوب للتخلص من هذا الموقف الشاذ، ولستر تمرده منحه إجازة مرضية إلى أجل غير مسمى، ولكن فولنكهاين لم يوافق على الإجازة، ورأى محاكمة القائد المتمرد أمام مجلس عسكري. وأخيراً استقر الرأي على إجازته، وكان حينئذ في حلب. فحاول تركها، وأظهر حاجته للمال، وكان يملك عشرة خيول أصيلة، فأراد بيعها، ولكنه لم يجد من يشتريها. فما كان من جمال باشا إلا أن تقدم لمساعدته فأعطاه (2000) جنيه، ثم أرسل له (3000) جنيه بعد عودته إلى إسطنبول. وبذلك ظهر مصطفى كمال بعمله هذا ظهوراً جلياً أنه يقف ضد الدولة العثمانية في اشتباكها مع الإنجليز.

 تشبث مصطفى كمال بتسلم الحكم

وأما في الحادث الثالث فإن المسألة لم تعد إظهار رأي وتمرد، بل صار يتشبث عملياً بتسلم الحكم، وحصلت منه حوادث يمكن أن يستنتج منها أنه اتصل بالإنجليز لتنفيذ أفكاره.

فإنه في الثالث من تموز (يوليو) سنة 1918 توفي السلطان محمد رشاد، واعتلى العرش مكانه محمد وحيد الدين باسم محمد الخامس. فرأى مصطفى كمال أن الفرصة قد سنحت له لتسلم الحكم إذ كان قد صحب وحيد الدين إلى ألمانيا، واجتمعوا بهند نبرغ. فقد أرسله أنور مع وحيد الدين - وكان لا يزال ولياً للعهد - ليرى بنفسه قوة ألمانيا، فلعله يقنع بترك آرائه.

وحين رجعوا من الرحلة مباشرة حصلت وفاة محمد رشاد، وتولى وحيد الدين للعرش. فسارع مصطفى كمال إلى اغتنام فرصة صحبته لوحيد الدين فحاول أن يقنعه بآرائه حتى يوليه الوزارة، فزار السلطان الجديد زيارة صداقة، فاستقبله وحيد الدين بكل مظاهر الود والترحيب، بل ذهب في إكرامه إلى حد أن أشعل له سيجارة بيده. فتشجع مصطفى كمال على أن يصارحه بآرائه، فشرح له خطته مؤكداً أن الدمار الذي يهدد البلاد قد صار قاب قوسين أو أدنى، وأنه ينبغي أن يتولى السلطان بنفسه السيطرة التامة على الجيش، وأن يجرد أنور والقواد الألمان من كل سلطة ليكون الأمر له حقاً، ولا يكون سلطاناً بالاسم فقط. وأكد استعداده لأن يضطلع بأعباء القيادة العامة، وبذلك ينقذ تركيا من الهاوية التي ستتردى فيها. وعليه أن يتحرر من التحالف الألماني، ويعقد صلحاً منفرداً على الفور قبل أن تفوت الفرصة.

فسأله وحيد الدين: هل هناك ضباط آخرون يشاطرونك هذا الرأي؟ فأجابه مصطفى كمال: «هناك كثيرون يا مولاي». ولكن وحيد الدين لم يعده بشيء، فقابله مرة ثانية، فظل وحيد الدين على عدم وعده بشيء، ثم قابله مرة ثالثة وعاد إلى شرح وجهة نظره، فسمع منه وحيد الدين وهو صامت حتى فرغ من قوله، فانبرى له السلطان قائلاً في لهجة الحزم والتوكيد: «لقد نظمت كل أموري بالاشتراك مع صاحبي السعادة أنور باشا وطلعت باشا» ثم صرفه من حضرته على الفور.

ولم يمض أسبوعان حتى دعاه إليه فحضر مصطفى وكان السلطان بين حاشيته وبعض القواد الألمان. وبعد أن استقبله محتفياً مرحباً خاطبهم قائلا: «هذا هو مصطفى كمال باشا، وهو من أكفأ الضباط الذين أثق بهم»، ثم استدار إلى مصطفى وقال له: لقد عينتك يا صاحب السعادة قائداً لجبهة سوريا، فهي ذات أهمية قصوى، وأنا أريدك أن تذهب إليها في الحال. وألا تدعها تقع في أيدي العدو، وأنا أعلم أنك ستؤدي المهمة التي أعهد بها إليك على خير الوجوه وأقربها إلى الكمال. ثم صرفه من حضرته على إثر ذلك مباشرة من غير أن يترك له أية فرصة للكلام.

انسحاب مصطفى كمال من سوريا وتركها للإنجليز

وأما الحادث الرابع فإنه كان حين سافر مصطفى كمال إلى الجبهة ليحارب الإنجليز فسلمهم البلاد، وانسحب إلى الأناضول. وذلك أنه بعد إصدار الأمر إليه سافر إلى مقر قيادته في الجبهة السوريا، ووصل إليها في آخر آب (أغسطس) سنة 1918، وقدم نفسه إلى القائد العام الألماني (ليمان ساندروز). إذ إن فالنكهاين كان قد عاد إلى ألمانيا في الربيع، فرحب به ساندروز وهو يعرفه من قبل، من أيام معركة (أنافورطه)، وسلمه قيادة الجيش السابع الذي كان يسيطر على القطاع الأوسط من خط الدفاع، وبعد أن تسلم قيادة الجيش في الجبهة اشتكى من مرض كليتيه، فلزم فراشه في مركز القيادة في نابلس في أول أيلول (سبتمبر) 1918. وفي 19 أيلول بدأ الهجوم الإنجليزي على الجبهة، فانسحب مصطفى كمال بجيشه جاعلاً ظهره إلى نهر الأردن، ثم عبر النهر وجمع فلول قوته ومضى بها نحو الصحراء، ثم انسحب وإياهم بمحاذاة الخط الحديدي إلى دمشق بسرعة دون أي توقف.

وفي دمشق أمره القائد العام «فون ساندروز» بتاريخ 27 أيلول أن ينشئ خطاً دفاعياً جديداً في رياق، فذهب لإنجاز هذه المهمة، ثم رجع إلى ليمان فون ساندروز وأخبره أن لا فائدة من تنظيم خط دفاع في رياق، وأن تنظيم الصفوف يحتاج إلى متسع من الوقت، وأن الرأي أن ينسحب الجيش مسافة مئة ميل إلى حلب، متخلين عن سوريا كلها، فيسدوا الطريق إلى تركيا ذاتها في وجه الأعداء الزاحفين.

فلما عرض هذا الرأي قال له القائد الألماني: إني لا أستطيع إصدار الأمر بتنفيذ هذه الخطة، وإني لا أتحمل مسؤولية ترك قطعة كبيرة من الإمبراطورية العثمانية لقمة سائغة للأعداء، دون أن أضرب ضربة أخيرة. فأجابه مصطفى كمال: أنا أتحمل المسؤولية الكاملة. ثم أصدر أمره بالكف فوراً عن كل صدام مع العدو، وبالتأهب للانسحاب العام إلى حلب، للدفاع عن تركيا نفسها، وذهب إلى حلب ووصل إليها في 6 تشرين الأول.

وفي هذه الأثناء طلب منه الزعماء العرب بتحريض من ضابط الاستخبارات الإنجليزي لورنس، أن يستخدم نفوذه ليقنع الحكومة بعقد صلح منفرد مع الحلفاء.

وفي هذا الوقت أي بعد وصول مصطفى كمال إلى حلب كثرت حركات سفن الإنجليز في خليج الاسكندرون، وفي 14 تشرين الأول دخلت ثلاث نسافات إلى الخليج، ثم رفعت إحداها علماً أبيض، وأنزلت إلى البحر قارباً نقل ضباط إنجليز وفرنسيين إلى البر حيث قابلوا قائد الموقع التركي ثم عادوا، فغادرت النسافات الخليج.

ثم إن مصطفى كمال، بعد أن أعد خطاً دفاعياً على بعد عشرة أميال شمالي حلب، أرسل برقية إلى السلطان أوعز فيها بأن يتولى عزت باشا رئاسة الوزارة، واقترح تأليف وزارة جديدة من أشخاص أورد أسماءهم، وطلب لنفسه وزارة الحربية، وأن يكون الحاكم المطلق على الجيش التركي كله.

ولم يتلق أي رد من السلطان على برقيته، ولكن جاءته الأخبار بعد ذلك بقليل بأن طلعت وأنور قد سقطا، وأن عزت باشا قد عين رئيساً للوزارة. وأن أعضاء الوزارة الجديدة هم الأشخاص الذين جاء ذكرهم في برقيته. وأرسل إليه عزت باشا برقية خاصة قال فيها: «إذا شاء الله آمل أن نلتقي كرفيقين بعد عقد شروط الهدنة».

ومن هذا يتبين أن مصطفى كمال بعد أن أخفق في إقناع السلطان وحيد الدين في خطته، وأبعد إلى  الجبهة، لم يذهب ليحارب، وإنما ذهب ليبحث عن وسيلة لتنفيذ خطته. وقعوده في نابلس عن الحرب بحجة المرض، ثم انسحابه منها تواً إلى دمشق يثير الشكوك والريب. وأما ما فعله من الانسحاب من سوريا كلها، وتركها لقمة سائغة للإنجليز، ومخالفة رأي القائد العام في ذلك فلا يبعد أن يكون بناء على اتفاق مع الإنجليز، بدليل الاتصال الذي حصل بينه وبين لورنس عن طريق الزعماء العرب الذين عرضوا عليه مشروع إقناع حكومته بالانسحاب من الحرب وعقد صلح منفرد، وبدليل أنه كان يقول: إنه يريد وضع خط دفاع في حلب للدفاع عن تركيا ليجعل ظهره إليها، ولم يأخذ معه سوى الأتراك من الجيش، وبدليل برقيته إلى وحيد الدين، ويؤكد ذلك ويعينه جواب عزت الخاص له، وقوله في برقيته: «آمل أن نلتقي كرفيقين بعد عقد شروط الهدنة».

 

  هل وجدت في موقع