طباعة
المجموعة: كيف هُدِمَت دولة الخلافة

أثر الغزو الثقافي والتشريعي في هدم دولة الخلافة {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}كما سبق ووظهر في مقالات عدة - مثل المقال بالفتاوى الخاطئة أخذت القوانين الغربية - موضوع الانزلاق الذي انزلق فيه المسلمون وترتب عليه سن الدستور وسن القوانين من دساتير الغرب وقوانينه. أي ترتب عليه أخذ أحكام الكفر من قِبَل دولة الخلافة، أي من قِبَل خليفة المسلمين.

ومهما يكن فإن أمر هذا الغزو الثقافي الذي اكتسح بلاد الإسلام كلها، وهذا الغزو التشريعي للدولة في نظام الحكم والقوانين زعزع عقائد المسلمين، وزلزل أفكار الإسلام في نفوس كثير من المسلمين. وفوق ذلك هز كيان دولة الخلافة هزاً عنيفاً، بل قوضه جوهراً وأبقاه شكلاً.

لأن كيان الدولة مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات، ومجموعة من الناس، يربطها كلها السلطان. فإذا زُعزعت هذه المفاهيم والمقاييس والقناعات عند المسلمين، وغُيِّر جوهرها الذي يقوم السلطان على أساسه، فقد قوض هذا الكيان، أو على الأقل قوضت أسسه وإن بقي إطاره. ولذلك سهل فيما بعد هدم هذا الشكل، وضرب هذا الإطار.

ولولا هذا الغزو الثقافي والتشريعي لما استطاعت الدول الكافرة أن تضرب دولة الخلافة هذه الضربة المميتة. ولكن لمّا فرقت الدول الكافرة المسلمين بالقومية، وخاصة القومية التركية والقومية العربية، إلى جانب زعزعة مفاهيم المسلمين ومقاييسهم وقناعاتهم، وإزالة الأحكام الشرعية، وجعل الأحكام الديمقراطية والقوانين الغربية مكانها، يحتكم إليها المسلمون، وتقوم على أساسها الخلافة. لمّا فعلت ذلك أيقنت أنه لم يبق في دولة الخلافة إلا الإطار الذي يحويها، والشكل الذي تظهر بمظهره. ولهذا صارت تفكر في هدم الخلافة وإزالتها من الوجود نهائياً. وما إن وقعت الحرب العالمية الأولى ودخلتها الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا حتى رأت أن الفرصة قد حانت لهدم الخلافة فأخذت تعمل لذلك.

واليوم والأمة تستشرف دولة الخلافة على منهاج النبوة، وجب المزيد من السعي والعمل الجاد المبصر المنتج لاجتثاث ما بقي من دنس هذا الغزو التقافي والتشريعي...

وهذا لن يكون إلى إذا كان على بصيرة من ديننا الحنيف وأحكامه المبصرة، فنجتمع عليها، ونميز الخبيث من الطيب، ونصبر أنفسنا مع الذين يدعون الله بالغداة والعشي يريدون وجهه سبحانه وتعالى أثناء سعيهم الدؤوب لاستئناف الحياة الإسلامية في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة - بشرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-، التي يحقق الله بها لهم وعده بالاستخلاف والتمكين والأمن، فيظهر الله بها ديننا على الدين كله، ويدخل الناس في دين الله أفواجا، ونحمل الاسلام إلى الناس كافة رحمة للعالمين بالدعوة والجهاد!

 

 

 هل وجدت في موقع